من أصعب الأمور على المرء أن يرى من يحاول تحطيم أحلامه وتعطيل مسيرته بطريقة روتينية فجة، وبذرائع يمكن تجاوزها نحو نظرة أبعد ورؤية أشمل للاستفادة من عقول وطاقات أصحاب الأحلام والآمال العريضة.
برز أمامي الأمر بينما كنت أتابع واقعة خريجة إماراتية تقدمت للعمل مدرسةً للغة العربية والتربية الإسلامية بإحدى مدارسنا التي رحبت بطلبها وتحمست له، فالمتقدمة لديها المؤهلات المطلوبة و«بنت البلاد»، ولكن الحماس اصطدم بشرط ألا يقل معدلها في«آيلتس» للغة الإنجليزية عن ست درجات بينما لديها خمس، وهكذا تسببت الدرجة المفقودة في تبديد الحلم بوظيفة وبناء مستقبل شابة تقدمت لتدريس اللغة العربية والتربية الإسلامية وليس أخرى أجنبية، وبالتالي كانت الوظيفة من نصيب غيرها.
 وفي الأحلام المتبخرة ذاتها والآمال المعقودة، تابعت معاناة موظفة في القطاع الخاص، روتها عبر البرنامج الجماهيري «استديو1» من إذاعة أبوظبي، قالت إنها حُرمت من الاستفادة من مزايا وحوافز«نافس» التي أقرتها قيادتنا الرشيدة لتشجيع الكوادر المواطنة على الالتحاق بالعمل لدى القطاع الخاص. وسبب الحرمان أن اللائحة تعتبرها من أصحاب مصادر الدخول الإضافية غير المستحقين لتلك الحوافز، فيخيل لك أنها من ملاك الأبراج والاستثمارات التي تؤثر بالأسهم في البورصات المحلية والعالمية، لتكتشف أن لها نصيباً في الراتب التقاعدي لوالدها المتوفى مع بقية إخوانها ووالدتهم. الجهبذ الذي وضع ذلك الشرط، لم يفرق بين من لديه دخل إضافي بالمئات وآخر بعشرات الألوف، الكل لديه سيان. كما أنه حتى لم يشغل نفسه بتوفير خيارات للموظف أو الموظفة بين الإبقاء على الدخل الإضافي أو مزايا وحوافز «نافس». 
كلتا الحالتين تكشف عن عقليات متكلسة لا تنظر إلى أبعد من سطور اللوائح البالية، والروتين الذي تتجمد عنده كل توجهات للتغيير والتطوير والإبداع في دوائر وميادين الموارد البشرية، وغيرها من القطاعات المعنية بالإدارة في العديد من دوائرنا الرسمية.
للأسف، هذه العقليات لم تسمع برؤية فارس المبادرات صاحب السمو الشيخ محمد بن راشد آل مكتوم، نائب رئيس الدولة رئيس مجلس الوزراء حاكم دبي، رعاه الله، بأن «الغاية من الإدارة الحكومية هي خدمة الناس، الغاية من الوظيفة الحكومية هي خدمة المجتمع، الغاية من الإجراءات والأنظمة والقوانين هي خدمة البشر، لا تنس ذلك، لا تُمجّد الإجراءات، ولا تُقدّس القوانين، ولا تعتقد أن الأنظمة أهم من البشر». وكان الله في عون العاملين والساعين للعمل.