• يظهر حرص الأوروبيين المبالغ فيه، والحاسبين لكل شيء حساباً، لدرجة البخل، حينما يدخلون مطعماً، زرافات، ويحاسبون فراداً، ويصرون على أن يطلبوا «جاك ماي من الولف»!
• الأوروبية ما أحلاها، وهي صغيرة، تشعرك أن لا أحد عبث بتلك الجينات الوراثية، لكنها ما إن تصل الثلاثين، حتى تبدأ تتهردم، وتذهب النضارة، وينكمش ذاك الجلد، لتشبه ممرضة عجوز تابعة لمستشفى الدير الخيري!
• اللبناني الوحيد الذي يصر على السيجار ظهراً في شارع الشانزليزيه، متطقماً بتلك البدلة المشتراة من تاجر لبناني آخر، ظل يحلف الأيمان الغلاظ أنها من إيطاليا، ونخب أول، وبالقميص المخطط، منذ الثمانينيات والمشهد عندي لم يتغير، رغم تغير الفرنسيين، وتبدل إيقاع باريس والقادمين لها، ومحاولة طبعها بطابع ريفي قروي أو بمدن المهاجرين!
• يجلس بجنبك في مطعم فرنسي، عربي لا تبدو عليه أنه في زيارة سياحية، وامرأة آتية قريباً من العاصمة، وفرحة بالحمل، الرجل لا يخفي ضيقه، ويشعر أن مستقبله الدراسي في فرنسا مهدد، وهي تحكي كل ما حصل في البلد، وعن أشخاص لا يتذكرهم الآن، وهو لا يريد أن يسمع، ويخشى أن يكون ذلك الجالس بجانبهما يفهم دارجتهما، رغم شكهم في البداية، أنه من أميركا اللاتينية، بذاك القميص الكتاني المهلهل والقبعة الزائفة!
• عربي يدخل مطعماً إيطالياً الساعة الحادية عشرة ليلاً، ويده على معدته، تبدو حموضة تضايقه أو صاهر صاعد لفم المعدة، لكن ما جاء به للمطعم الإيطالي؟ يعني سيأكل طعام «أورغانك»، هي «باستا، بيتزا، أو أي شيء ممزور صلصل»، وخليه يبات ليلتها إذا قدر أن يبات قرير العين!
• خليجيات في ذلك الشارع الذي لا ينام، ما تعرف أخ الواحدة من ربيعها، هن الوحيدات اللآتي «يصلقّن» من فوق لتحت، في تلك الزيارة الصيفية المتأخرة، يعني لو تحلين بالبساطة، وعدم التباهي الاجتماعي، ستضيع مشيتهن، وسيقول الناس عنهن إنهن من الدانمارك، خفّوا علينا شوي، تراها الشيفة شيفة ما تتغير، مهما لصق وتصالق الواحد!
• أمر يثير الضحك والعجب في محلات شنط السيدات، طوابير، ولا طابور أول عرض لفيلم سينمائي، وحراس عراض طوال، ببدل سوداء، وربطة عنق، من أولئك الذين يضعون سماعة بيضاء خلف الأذن، وإذا أراد التحدث ضغط عليها أو تشمم ذراعه، يذكّرونك بالذين يتعافدون أمام السيارات الرسمية الأميركية أو بتلك اللقطات السينمائية الهوليوودية النمطية للحارس الأمني أو ال «بوديكارد»!
• مستحيل كشخص غريب في شارع الشانزليزيه أن تمشي مع أول إشارة خضراء تضاء، تظل مبهتاً للفوج الآتي كالطهف، وتبقى متسمراً، لاهياً بالفوج المغادر كمشي القطاة، لا ريثٌ ولا عجلُ، وحين تضاء الإشارة الحمراء لا تقوى على الركض مثل أولئك الأفارقة العدائين أصحاب الأرقام القياسية في مائة متر!
• أفريقي آخر من العدائين، استوقفني في مدينة «لاهاي»، واقترح عليّ ثلاث لغات للتفاهم: الإنجليزية والفرنسية والهولندية، فقلت له: الإسبانية، وإذا هو مستعد ومتذخر الملعون، طلبه كان أن يصورني بكاميرتي الغالية والعزيزة والثمينة جداً، فضحكت، بس تعال قول له بالإسبانية: «إن أذني مب مخبوقه»!
• رجل أذهلني، يعرج من رجله اليمنى، ويده اليسرى مكسورة، ومضمومة لعنقه، يمتهن الشحاذة الكاذبة، لكن عينيه لا تشبعان من الحياة، ولا منظر القادمات الرائحات اللاتي يصرّ لهن ما يتكسبه من أموال الناس المحسنين!