التقيتُ قبل أيام في العاصمة أبوظبي بالسيد لورينزو فانارا السفير الإيطالي لدى لدولة الإمارات، في مناسبة احتفالية بمناسبة مشاركة الدولة المتميزة في بينالي البندقية هذا العام، حيث تم عرض أعمال الفنان محمد أحمد إبراهيم في جناح الإمارات هناك، وسط حضور ملفت ومميز برئاسة معالي نورة بنت محمد الكعبي وزيرة الثقافة والشباب. وتشرفتُ أنا بكتابة مقال مطوّل عن تجربة هذا الفنان في الكتاب المصاحب للمعرض، الذي صدر باللغتين العربية والانجليزية وتم توزيعه في البينالي.
في كلمته أثناء الحفل، تحدث السفير الإيطالي عن نقطة مهمة جداً تصف الحياة الثقافية في الإمارات، وذكر أنه خلال الشهر الماضي وما قبله، ظل مرتبطاً بعشرات المناسبات الثقافية والفنية، وبالأخص حين تم الإعلان عن إيطاليا كضيف شرف في معرض الشارقة الدولي للكتاب هذا العام، وبالطبع سبقتها عدة مناشط ثقافية كانت إيطاليا طرفاً فيها. وذكر السفير أن للثقافة وجها دبلوماسياً مهماً وضرورياً للتواصل بين الدول، وأنه لمس هذا الأمر بشكل عالٍ في الإمارات التي تزخر كل يوم بعشرات المناسبات.
لاحقاً، تحدثنا على انفراد عن الأدب الإيطالي وذكرت له بعض الأسماء المهمة من بينهم ستة شعراء من إيطاليا تشرّفتُ بتقديمهم في كتاب (شجرة شعر العالم) الذي رعته معالي وزير الثقافة والشباب وصدر في جناح الإمارات في معرض إكسبو  2020 دبي، ومن بين هؤلاء الستة ثلاثة أدباء من رواد الأدب الإيطالي الكبار وهم باولو روفيللي وبيبي كوستا والشاعرة كلوديا بجينو، حيث لا يقتصر التبادل الثقافي بين الإمارات وإيطاليا على الفنون وحدها، وإنما تمتد العلاقة إلى مناحي كثيرة من بينها الأدب والفكر، حيث تشرفتُ أيضا قبل عامين بالفوز بجائزة (توليولا) الإيطالية الدولية للشعر. وتمنيت أن يطول الحديث ليشمل الكثير من الأسماء الإماراتية التي شاركت بأفلام في مهرجانات السينما الإيطالية، وأسماء أدباء وفنانين كانت لهم بصمة مهمة في معارض روما ومناسباتها الثقافية الكثيرة.
وحقيقة الأمر، فإن للأدب الإيطالي حضوراً عالياً في تكوين ثقافة معظم أدباء الإمارات، وهناك من تأثروا بأعمال ألبرتو مورافيا وأمبيرتو إيكو وماركو بولو والشاعر أوجاريتي، وبالطبع دانتي إليغري وميكافيللي وغيرهم الكثير. وهي كلها شواهد على أن الآداب والفنون هي الوجه الحقيقي للدبلوماسية وباب التعارف الكبير بين الشعوب.
لقد كانت إيطاليا على الدوام أحد منابع الجمال والإبداع الإنساني، وهي لا تزال تشعُّ بهذا النور وتمسحُ به على رؤوس البراعم المتفتحة.