وحدها الأشياء العظيمة تبقى، وهي أيضاً وحدها لا تسعفنا الكلمات لوصفها، لتبقى أروع وأهم وأبهى من كل الكلام، كالحب والوفاء والوطن والسلام.
في مباراة العين الأخيرة، والتي قلب فيها تأخره بهدف أمام خورفكان إلى فوز بهدفين، فعل التوجولي لابا كودجو، ما هو أجمل ألف مرة من تصدره ترتيب الهدافين بعشرة أهداف، وما هو أجمل من هدف الفوز على خورفكان، فعل ربما ما أسعد أبناء خورفكان أنفسهم، حين احتفل بالهدف برفع العلم وتحية عسكرية في المدى، هي قطعاً لهذا الوطن، قادة وشعباً وأرضاً، ولولا أن لابا يحب تلك الأرض ما فعل.. تلك المشاعر لا تأتي إلا حُباً.
مشهد لابا، أطلق في صدري، كما فعل بالكثيرين، شلالاً من المشاعر التي لا يمكن وصفها أبداً، فإذا كانت تلك أحاسيس من يُفترض أنه لاعب محترف، فكيف بمشاعرنا نحن، كيف بمشاعر من وُلدوا وتربوا وسعدوا على أرض هذا الوطن، كيف بمشاعر من رعاهم الوطن في كل أطوارهم، وجعل أمنياتهم واقعاً، كيف بمشاعر من رفعوا العلم في الصدور قبل السارية، كيف بمشاعر من رددوا النشيد، ابتهاجاً واحتفالاً بأنهم أبناء هذا الوطن السعيد.
في فترات سابقة، كنا فيها صغاراً، كنا نتساءل أحياناً عن جدوى مثل هذه الاحتفالات، نظن أن الأوطان ليست بحاجة إلى الاحتفال بمناسباتها، قبل أن ندرك أنها ضرورية تماماً، نجدد فيها العهد والعزم، على أن نظل في درب الوفاء، لا نحيد عنه أبداً، نجدد ولاءنا ومحبتنا لمن قادونا إلى العز والمجد والنور.
العَلم والنشيد ليسا قطعة قماش وبعضاً من كلمات.. هما ترجمة لكل شيء، واختزال لأجمل الأشياء، الحاضر والفرحة والأولاد والأب والأم والأمنيات.. العلم والنشيد هما العمر والصبا والأحلام والعيد.. العلم والنشيد هما تلك الألوان التي تلون حياتك، وهذه الأنغام التي تسمعها داخلك، فترى معها الخليج والنخيل والدروب والذكريات.. العلم والنشيد ليسا فقط معانيَ، لكنهما يوم وغد وقدر سعيد.

احتفال التوجولي لابا لاعب العين بهدفه كان عفوياً جداً، تفاعل فيه - قطعاً - مع ما رأى وما سمع من احتفالات حوله في مدينة العين وفي الإمارات كلها، لكنه - كلاعب محترف - ما كان ليفعل ذلك، لولا أنه يحسه ويريده ويحبه، ما كان ليفعل ذلك، لولا أن هذا الوطن، الذي جاءه لاعباً محترفاً، وجد فيه ما هو أهم وأكبر من الكرة، وجد فيه وطناً يستحق الاحتفال بطيب الخصال وأروع الرجال.. وجد أرضاً نثر «زايد الخير» الحكمة والمحبة والسلام في دروبها وعلى قمم الجبال.

‫‬ كلمة أخيرة:
الحب لا يأتي إلا بالحب.. إن أردت أن تعرف كيف كنت فاقرأ العنوان من فرحة الأطفال