في العاصمة المستنيرة بنور أهلها هنا على أرض المعارض يفوح زعفران الخيل، ونبرة النوق المضمرة، وصدى صوت التاريخ يحمله أثير الرجال الذين حضروا المعرض بقلوب شغوفة، ونفوس لهوفة وعقول لم تزل تتبوأ قلاع الماضي بسلم الحاضر المضاء بمصابيح الوفاء، المندى بنثات الحنين إلى زمن مر من هنا ولم يزل يسكن الذاكرة ويؤثث المشاعر بآرائك من حرير الشفافية، في هذا المعرض تحضر الذاكرة مقندة بهيل الحب، وزنجبيل التداخل ما بين مفاصل التاريخ ومراحل الأجيال، الأمر الذي يجعلنا نشعر بالفخر والسعادة عندما نرى الشباب وهم في سن الورود، يتدفقون كجداول النهر، ويمرقون بين الأجنحة كنوارس تحدق في الموجة، والابتسامة تبسط شرشفها الوثير، على وجوه حالمة مستبشرة بمستقبل مضاء بهجة وطن لا يتخلى عن فرحته وهو يعيش في كنف قيادة همها أن تكون السعادة منزل الناس جميعاً.
في معرض الصيد والفروسية تبدو الحياة مثل حسناء تجلت بثوب الفرح وفي قلبها ترفرف أجنحة الثراء المعنوي، ويجتاح فؤادها احتفال بهيج في مناسبة تستدعي الماضي، وتزفه مكللاً بحب الأبناء، متوجاً بنغمات جاءت من مناطق بهية في تاريخ الإمارات، وذاكرة يخصب فعلها تهافت العشاق وهم يجولون في المكان وكأنهم يتقصون موطن الوردة
في حقل يزدان بباقات وتيجان وبتلات مترعة بترف النصوع.
في المعرض تشعر أنك تسافر إلى مناطق أبعد من الخيال، بل وكأنك تقرأ قصيدة لنزار قباني وهو يصف روعة المرأة في تجليها الأنثوي، ونقاء عينيها وهي تمشط المقلتين بأهداب الحرير.
في هذا المعرض تستعيد الأجيال خطوات بشر عبروا من هنا ورسموا الصورة، على لوحة الوطن، وسارت أقدامهم تنحت على الرمل حلم الغافة في ريعان تألقها، ورقصة النخلة وهي تجدل ضفائرها ساعة انبلاج فجر الصيف، وقدوم الحادبين لقطف الثمار الحلوة، في هذا المعرض تبدو الحياة وكأنها عين تتأمل تفاصيل رواية ملحمية، وتقرأ ما بين السطور، فيشعر الرائي أنه يغوص في بحيرة الرمل الذهبي، لتخرج له الحفاوة من فردوس بوجه عطاء لا ينضب، وبذلاً لا ينكب.
في هذا المعرض تشعر بأن الإمارات كلما تطورت، نظرت إلى الماضي لتكحل العين من إثمد تراثه العريق.
في هذا المعرض تؤدي الأشياء رقصة احتفالية مشمولة بموال يتسلل إلى الروح كأنه الموجة في طيات تدفقها.