امتداداً لحديثنا بالأمس حول التفاف بعضهم على القرارات المحلية فيما يتعلق بممارسة أنشطة تجارية وسط مناطق سكنية بالعاصمة أبوظبي، انتشرت ظواهر ومظاهر عدة تؤثر على سكان تلك المناطق بصورة مزعجة، ولاسيما انتشار المقاهي أو «الكوفي شوب».
قبل أن نستطرد في تناول الأمر، أشير لمظهر صارخ للمفارقات والتناقضات جراء ذلك ومن نفس الجهة الرسمية، فعلى سبيل المثال لا يتوانى مفتش «مواقف» في تحرير مخالفة عند أول دقيقة بعد التاسعة مساء للسيارات المتوقفة قبالة أي مقهى أو محل في منطقة سكنية، بحجة أنها للسكان بينما تصريح المقهى يسمح لصاحبه أن يبقيه مشرع الأبواب إلى ما بعد منتصف الليل، والمفارقة هنا أن الجهة المصرحة بممارسة النشاط والتي يتبعها المفتش هي نفسها «البلديات والنقل» وحتى إذا كانت «التنمية الاقتصادية» طرفاً في الأمر.
تصاريح ممارسة الأنشطة التجارية في المناطق السكنية بحاجة لمراجعة وتنظيم وتدقيق من أجل تحقيق الفوائد المرجوة من القرار الذي يستهدف تحسين وزيادة الدخل لصالح المواطن، سواء المالك للعقار أو صاحب المحل والمشروع التجاري. ومن أهم الجوانب التنظيمية التي يفترض الاعتناء بها ألا يكون المشروع التجاري في المنطقة السكنية مصدر إزعاج وإرباك للسكان المقيمين فيها، بالذات ما يتعلق بمواقف السيارات التي أصبحت اليوم من أهم عوامل نجاح أي مشروع في هذه المنطقة أو تلك، وقد شاهدنا تعثر العديد من مشاريع الشباب بسبب عزوف الناس عن ارتيادها لصعوبة العثور على مواقف. ومن الاشتراطات والأمور التنظيمية المطلوبة كذلك ألا تكون تلك المشاريع قرب مداخل بيوت سكان المنطقة، فقد أصبحت الكثير من الأسر تجد صعوبة لدى خروجها أو دخولها لمنازلها بسبب وجود مقاعد تلك المقاهي بالقرب منها وروادها الذين يشيعونهم بنظراتهم الفضولية.
كما ندعو الجهات المرخصة لمراعاة وجود مسافات محددة بين مقاهي الفلل والأحياء السكنية لا جعلها تتكدس في منطقة واحدة بما يترتب على ذلك من ازدحام غير مبرر.
ولاحظت ذات مرة بينما كنت في مدينة نمساوية، التنظيم المتبع في توزيع المنافذ التجارية بمناطقها السكنية، بحيث تكون هناك مسافة معقولة بين الأنشطة المتشابهة حرصاً على راحة ومصلحة الجميع بما في ذلك أصحاب تلك المحال. واستعدت ذلك الترتيب أمام ما يجري في منطقة الفلل المطلة على شارع الخليج العربي في العاصمة كمثال. وشيء من التنظيم والتنسيق وحسن تنفيذ القرارات فيه صالح الجميع.