نتمنى أن ترى النور والتنفيذ على أرض الواقع دعوات المصرف المركزي للبنوك وشركات التمويل العاملة في الدولة لتوطين إدارات وأقسام منح القروض والائتمان والمخاطر، وبصورة فعلية ومباشرة بدلاً من المهلة التي منحها حتى عام 2026، والتي جاءت ضمن بنود جديدة لآلية تنفيذ استراتيجية التوطين بالنقاط.
ورغم أن قطاع المصارف يعد من أعلى القطاعات الاقتصادية في معدلات التوطين، حيث تصل لنحو 30% إلا أن هذه الدعوات والتوصيات تكتسي أهمية خاصة، وتعد محل رهان في الحد من وقوع ممارسات إقراض وتمويل لأفراد وشركات ومشاريع بملايين الدراهم لغير المواطنين من دون أخذ الضمانات والتقييم الصحيح لها حتى وإن أرفقت بدراسات جدوى، والمصرف المركزي أول من يدرك حجم الأموال والتسهيلات التي قدمتها العديد من هذه المصارف، وتضررت جراء ذلك. ودخلت معها في رحلة طويلة من الملاحقات والمطالبات أمام المحاكم داخل الدولة وخارجها.
ومن تمويل الشركات والمؤسسات إلى الأفراد الذين نشهد حالات أقرب إلى إغراقهم بتسهيلات وقروض لا قبل لهم بها مع علم أقسام القروض الشخصية بعدم قدرتهم على سدادها ليتحولوا بعد ذلك إلى أرقام في قضايا ومطالبات، ناهيك عن شرائح من المقترضين الذي يقدمون على الاستفادة منها مع نية مبيتة لعدم الوفاء بالالتزامات ومغادرة البلاد.
وجود كوادر إماراتية يقظة في أقسام تقييم المخاطر يمثل أداة تعزيز وحماية للاقتصاد الوطني والمصارف التجارية على وجه الخصوص، ويمثل أحد صور الاستثمار في الطاقات المواطنة. وعلى هذه المصارف التعامل بجدية مع الأمر بعيداً عن ذلك التوطين الصوري الذي تعامل بعضهم معه للتنصل من التزاماته والالتفاف حول قرارات الدولة بهذا الشأن.
يذكر أن قرار مجلس الوزراء في عام 2015 كان قد اعتمد استراتيجية التوطين في القطاع المصرفي وشركات التأمين وفق نظام النقاط بدلاً من النسب، ودخل حير التنفيذ كاملاً عام 2018 بعد انتهاء الفترة التجريبية من دون غرامات. وتعتمد الاستراتيجية على تحقيق الأرباح التشغيلية للمصارف بحيث يرتفع عدد النقاط المستهدفة كلما ارتفعت الأرباح بينما يفرض القرار غرامات على غير الملتزمين تصل لعشرين ألف درهم عن كل نقطة.
قرارات عدة صدرت من أعلى الجهات المختصة للتوطين وتعزيز تواجد الكوادر الإماراتية في مختلف مواقع العمل بالقطاع الخاص، ولكن ضعف المتابعة جعلها حبيسة الأدراج وأتاحت ظهور مختلف أشكال التوطين الصوري والتعامل باستخفاف مع قضية مهمة كهذه تتعلق بمصير ومستقبل مئات الشباب والشابات.