قبل أن تشرق الشمس بقليل، وعندما ينتشر أول نور للصباح تدب الحركة في السكون الذي خيم ليلة أمس على المكان، ينهض كل كائن ليبدأ يومه الجديد، تسمع رفّات أجنحة العصافير من النافذة، تأتي من كل زاوية وركن تحط هنا وهناك تملأ الأرض والأغصان والجدران، تتفتح الزهور والورود في الحدائق وحديقة المنزل، تظهر واضحة وجميلة الاخضرار، وكأنها تبتسم لأشعة الشمس واليوم الجديد، الذي يظهر نوره الآن.
يأتي البستاني مع أول إطلالة للشمس على الدنيا/ الأرض، يمتزج صوت الماء الذي يفلته المزارع على أشجار وورود الحديقة، تدب في أوصالك الحركة وتنهض لتشاهد جمال الصباح في الفضاء الخارجي والحديقة، إنها أجمل اللحظات والصباحات، تفتح صدرك للحياة، للحب والأزهار، ولرفّات الطيور في المحيط، الذي يلف يومك ويقدم لك درساً في أن الحياة حركة وابتسامة وسلام. خذ من الطير مثالاً بأن الفلاح حليفك إن سعيت في أرض الله نحو العمل وابتسمت للدنيا والناس، إن أحببت الحياة والخير وبلدك، الذي يعطيك الأمن والأمان، وإن حمدت ربك العظيم بأن صباحك جميل، وأنت تنعم بالصحة والعافية، وأن هذه العصافير والأشجار والأزهار والورود في حديقتك هي هدية ربك الكريم.
تأمّل أولئك البشر الذين يخرجون مع أول إشراقة للصباح يسعون في طرقهم نحو مشاغلهم المختلفة، وأنشطتهم التي تبدأ من بواكير الفجر، وعندما ينتشر نور الشمس على الدنيا والحياة. تشاهد هذا الصباح الذي يدفع قاربه إلى الأزرق الواسع ليلتقط رزقه من البحر، أو ذلك الذي يسابق الوقت ليصل إلى عمله، وعلى الخصوص عمال الإنشاءات والبناء، أصحاب السواعد القوية الذين تشرق الشمس في عيونهم وأجسادهم، تفارق النوم منذ الفجر لتصنع الحياة والتعمير في الأرض والبلد، نفر وناس توقظهم أصوات وأنفاس أطفالهم وأسرهم الذين ينتظرون ثمار ما يبذلون من عمل وما يكسبون من رزق.
الصباح ضوء للحياة وطريق الحب والجمال، والإحساس بأن الذي تشرق الشمس في عينيه هو من يصنع كل شيء جميل، الحياة، الفرح، والاطمئنان بأن الدنيا تبدأ مع الشروق ومع كل فجر جديد.
كل صباح أنهض باكراً، أفتح الستارة على الحديقة، أحادث البستاني الذي يبدأ يومه والعمل بريِّ الحديقة ثم تقليم بعض الأشجار إن احتاجت لذلك، صباحاته تحفل بالعصافير الصغيرة (الصفصوف) الذي يبكر في احتلال كل مساحة الحديقة، أصوات بديعة يطلقها هذا الطائر، تمتزج مع صوت ريِّ الحديقة وحتى صوت آلة ضخ الماء (الدينمو) يعطي نغمة جميلة عندما تندمج كل هذه الأصوات سوياً لإخراج سيمفونية صباحية تعقب آخر ما تبقى من خيوط الفجر، وتعلن سطوع الشمس بنورها القوي الذي يعم الدنيا.
في الخارج تدب الحياة تسمع هدير السيارات، والجميع يسابقون الزمن للوصول إلى أعمالهم، وبعض الناس يقطع الطريق هرولة لإنهاء برنامجه الرياضي الصباحي، بينما يبدأ بعض آخر الآن القدوم إلى البحر والمساحات المفتوحة أو الحدائق ليستغل الصباحات الجميلة.
بعد فترة قليلة سيأتي فصل جديد في الإمارات، وتطيب الصباحات والمساءات بأجواء جميلة، ويعد الخروج إلى الفضاء المفتوح هو الفرصة التي يتعين أن تستغل أجمل استغلال، حيث يودعنا فصل الحرارة والرطوبة، ويأتي فصل الجمال والزهور والفرح وزينة الحدائق العامة والساحات والقرى والجبال والسهول، وعلينا أن نشعل قناديل الفرح والجمال.