وحده النجم الذي رافق حضوره الناس في منطقة الخليج العربي، ومنذ أقدم العصور وحتى الآن، كثيرة النجوم التي كانت لها أهمية وتمثل مع نجم سهيل الأهم في الحياة اليومية وغيابها أو تحركها يشكل نقطة ومحطة تغير الظروف المناخية وتبدل الفصول من الشتاء إلى الربيع والخريف والصيف، بل إنها الشاهد على التحولات والتغيرات في طريقة العمل وازدهار بعض الأنشطة المصاحبة لتلك الفصول والتي يستدل عليها الناس قديماً بحركة النجوم، وعلى الخصوص أهل البحر وما يتبع ذلك من النشاط والعمل وكل ذلك مرتبط بالنجوم و(الدرور) حسب معرفة أهل الخليج العربي، هناك ناس يمثل لهم النجم مرتكز المعرفة ومنطلق العمل والنشاط المرتبط بظهور تلك النجوم أو اختفائها بدءاً من نجم سهيل ونجوم الثريا ونجم (الياه) ونجم المغيب ونجم الفجر أو نجمة الصباح، وبهذه المعرفة لظهور النجوم الدالات على الحالات التي تصاحبها والمتغيرات على المناخ وطبيعة الحياة ثم حركة الرياح ودخول المواسم أو خروجها.
قديماً كانت تشكل حركة النجوم ظهورها وغيابها، حركة الزمن ونقطة البدء أو خاتمة الفصول وتأثيرها في الحياة اليومية، حيث قد يشكل ظهور نجم سهيل مثلاً الانتقال من فصل القيظ والحرارة الشديدة إلى درجات أخف في الحرارة ثم اعتدال الجو والصعود تدريجياً إلى فصل الشتاء، وأيضاً يصاحب هذا التغير أنشطة مهمة عند بعض الناس وعلى الخصوص أصحاب المزارع وكذلك بعض المهن المرتبطة بحياة البحر والصيد، وقديماً الإبحار والسفر إلى الموانئ والمدن البعيدة، وذلك لهبوب الرياح النشطة والقادرة على حمل الأشرعة إلى حيث يحلم البحارة، بينما في فترة القيظ لا تأتي الرياح نشطة وقوية غير في حالات قليلة جداً.
كانت النجوم وحركتها في السماء هي الضوء ومصدر المعرفة والخبرة والدليل على أن هناك حالة من التغير في المناخ والطقس والذي يتطلب أيضاً أن تعد العدة لكل فصل وموسم، بالعمل والنشاط الذي يناسب تلك الحالة والظروف، والخبرات التي يعرفها الناس وتناقلها من جيل إلى جيل جاءت بعد تجارب طويلة وخبرات مهمة قدمها السابقون للأبناء والأحفاد اللاحقين.
ذلك الماضي المهم في عالم معرفة حركة النجوم لا يزال بعضه حاضراً ومؤثراً ويتابعه الكثير من المهتمين بالمتغير المناخي وأثره على الحياة اليومية، ولعل نجم سهيل ظهوره أو غيابه مهم ومتابع من ناس كثر وحتى الأجيال الجديدة وذلك لارتباطه بتبدل المناخ والطقس واختفاء الحرارة والرطوبة، وظهور دلائل واضحة ومؤثرة في حياة الناس ونشاطها اليومي.
نجم سهيل النجم الحاضر في حياة الجميع، وحده لم تختف أهميته مثل النجوم الأخرى ذات الأهمية الكبيرة في ماضي الوقت وعلى الخصوص حياة البحر والصحراء عندما لم يكن هناك أدوات حساب وقياس تحدد الاتجاهات والمسارات لعابري البحار والمحيطات أو الصحاري الواسعة، كان نجم الثريا المرشد والدليل لتلك الأنشطة البحرية والصحراوية بالإضافة إلى نجوم أخرى وربما كانت تلك النجوم الكبيرة واللامعة التي تحتل المغيب وتظهر واضحة وقت غياب الشمس أو اختفاء القمر وكذلك سائر النجوم الزاهية بلمعانها وتدل على الجنوب أو مشرق الشمس. كل تلك النجوم ربما لم تعد مهمة للناس الذين يعملون في أنشطة بحرية أو يعبرون الصحاري في ظل الأدوات والمخترعات الحديثة ووسائل التواصل الكثيرة وبعضها خاص بعالم الملاحة وقياسات المناخ والطقس وتحديد الاتجاهات بدقة عالية جداً.
نجم سهيل وحده ظل مرتبطا بالناس، الجميع يسأل عن حضوره أو غيابه.