تمر على عتبات الزمن، من فصول حياته، ما يمكن قراءته، شخصية ثقافية لا تزال تمرر بريقها وفضاءاتها، وتحدث في الحياة جماليتها، لتنير جوانب من العتمة المتبقية في خواصر الزمن، لتنبت صيتاً وتزهر فكراً، إضاءة عن الراحل الأديب عبدالله الطائي، ابن هذا النسيج الخليجي العربي.
سطر اسمه بحروف نيرة، ورثها من القيم العربية، وطوقها بجناح الترحال الصعب، في زمن كان شاقاً، فرحل من مسقط إلى باكستان والبحرين والكويت فالإمارات، ما بين أزمنة وأمكنة، واتجاهات كان مسها ببصماته، ساعياً ليبسط رؤاه، وكان حضوره في مشاهد متعددة، تقلد فيها الطائي في عام 1995 منصب رئيس تحرير مجلة الكويت ونائباً لرئيس تحرير مجلة العربي، وعمل في دوريات ثقافية ودور للمعرفة، وأسهم في تأسيس رابطة الأدباء، وكان عضواً في جمعية الخليج وجنوب الجزيرة العربية، منتدباً منها لمدينة دبي للإشراف على المشاريع العلمية والصحية آنذاك.
ما بين نهاية الستينيات وبداية السبعينيات مضى ما بين مسقط وأبوظبي وكأنه يغرس فكره في مساحات عدة، فعمل الأديب الطائي مستشاراً في الديوان الأميري للمغفور له الشيخ زايد بن سلطان آل نهيان «طيب الله ثراه»، وتولى مسؤوليات مختلفة، لذا احتفت به الأوساط الثقافية الخليجية، وبإرثه وموروثه وفكره الثقافي، بوصفه المثقف المخلص لعمله ومكونه العربي، حتى توفاه الله في أبوظبي عام 1973.
من مؤلفاته «تاريخ عمان السياسي»، «شعراء معاصرون»، و«دراسات عن الخليج العربي»، وثق له قبل أيام قليلة، في إصدار جديد للأديب أحمد الفلاحي، وفي استذكار حول لمحات من حياته ومسيرته الإبداعية، الكتاب حمل عنوان «مع عبدالله الطائي»، وجاء مفعماً بنبضه الإعلامي ومقالاته وعالمه المستمد من نبض الأزمنة البعيدة، الجاسرة والساطعة بثبات، والمنتمي لرهانات على التغيير والتنوير مع الاحتفاظ بالموروث الأدبي والثقافي والتراثي العربي.
الأديب عبدالله الطائي، لا تحيد الذاكرة عن حياته ولا يمسها النسيان بما يستنهض من رحيله من إشراقات على فصول الحياة الصعبة، عبر عن حياة والده قبل سنوات الأديب جهاد عبدالله الطائي، قائلاً إنها مرحلة مهمة كانت حافلة بالأحداث، لكن لم يقف والده بعيداً عن الاستنهاض بفكره، كان كاتباً قصصياً وروائياً رائداً، فعملت الظروف الصعبة على صقل موهبته، وقال عنه أحمد الفلاحي: «لا أعلم كاتباً عمانياً كان له هذا الدور في التعريف بعمان ما بين الخمسينيات والستينيات كما فعل الأديب عبدالله الطائي. كل الدراسات تشير لهذا الأديب الراحل بما قدمه لثقافة الخليج العربي».