بعد أن نقبت شركات النفط أو الشركات المتخصصة في البحث عن أماكن تواجد البترول في الإمارات، وجربت الكثير من المواقع في الصحراء والبحر، كان النصيب الأكبر في أبوظبي التي وهبها الله الكثير من مواقع وجود النفط، ولعل أشهر المناطق البحرية التي نالت أهمية كبيرة من شركات النفط، وكانت المحطة التي تسكن بحر الخليج العربي والمتوسطة بين الماء والجزر الكثيرة التابعة لأبوظبي، «داس» ذات الشهرة الكبيرة في عالم النفط واستخراجه، جزيرة لها أهمية كبيرة، فهي تضيء المحيط بها من جزر وتمد البلاد والعاملين فيها بالحياة الجديدة التي لم يعرفها الناس عند بدء استخراج النفط وخيره الذي عم البلاد.
داس كانت الأشهر في دخول عالم آخر في الصناعة والإنتاج والعمل الجاد في إدارة هذه الثروة، وأيضاً كانت فاتحة الدخول في مجال الصناعة والإنتاج الذي يبشر بحياة جديدة، للتو تسعى للنهوض بالأعمال الكبيرة نحو صناعة النفط واستخراجه وتسويقه، كذلك النهوض بالناس العاملين وإدخالهم في تجارب عمل جديدة بعيداً عن الأعمال السابقة في الإمارات والساحل، حيث ترك الكثير من الناس أعمال البحر والصيد والغوص وتوجهوا إلى العمل في شركات النفط وكذلك أهل الصحراء والمزارعين في السهول والواحات أو أولئك الذين يرعون الإبل في الصحراء، جاء عامل جديد وعمل جديد يوفر لهم حياة كريمة ويوفر لهم مدخرات أكبر من الأعمال الصغيرة أو ضعيفة المردود المادي.
داس كانت محطة للخير وفاتحة أبواب كبيرة في النهوض بالبلد عبر إنتاجها النفطي الذي يدر الخير الكبير وأيضاً هي مدرسة ومعهد تعليمي وثقافي للعمال الذين يعملون معها والذين يمكثون جل أوقاتهم في العمل اليومي أو استراحة على ظهر الجزيرة ويتشاركون مع عمال ومهندسين وخبراء نفط من دول كثيرة لها تجارب وخبرات في الحياة قد لا تتوافر في الصحراء والساحل في ذلك الزمان البعيد، حتى نظام إدارة العمل على جزيرة داس له برامج خاصة بدءا من العمل وحتى انتهاء وقته، بل إن نظام الغذاء والتغذية المختلفة عما اعتاده العمال هناك يعطي صورة جديدة ويرسخ لعادات جديدة عند عمال البحر، بالإضافة إلى البرامج التعليمية والتدريبية التي تنفذها الشركة في دورات مستمرة، كل هذا خلق نوعاً من الانفتاح والتفكير الجديد عند عمال البحر، يعودون إلى مدنهم وأهلهم بالجديد دائمًا، فقد تعلموا لغة جديدة وتدربوا على أعمال جديدة وحصلوا على تجارب وأفكار جديدة.
داس مدرسة قديمة تعطي الخبرات والمعارف والتجديد، ظلت أعواما طويلة مصدر رزق لكثير من الناس والمدرسة التي أقفلت أبوابها بعد أن أتمت عطاءها خرجت في أماكن جديدة لتأخذ الدور في الحياة وعلى يد آخرين.
داس بالإضافة إلى الكثير من ميزاتها الإنتاجية فإنها منارة تضيء بحر أبوظبي بشعلة إنتاج النفط والهادية لكثير من السفن التي تعبر الخليج العربي، وهي محطة أمان لمن يتعرض لمخاطر البحر والعواصف أو كوارث البحر، حيث لديها الإمكانية أن تهب للمساعدة بالاتصال والتواصل مع جهات مهمة في عالم الإنقاذ البحري.