يعتقد بعضهم أن الحزن ظاهرة غريبة على الإنسان، لذلك عندما يتعثر الفرد بمشكلة قد تحزنه، فإنه يشعر بمقاومة داخلية، ويظل يعاني كثيرا من هذه العباءة السوداء التي غطت مشاعره، بينما في الفرح يشعر وكأنه انتصر على تلك الغيمة السوداء حينما انقشعت عن صدره. المسألة ليست ظلمة حزن، أو فسحة فرح، وليست للعاطفتين علاقة بما نطلق عليه بالنقائض، فكلا العاطفتين موجودتان في الضمير البشري، وكلتاهما لا يأتيان من الخارج، وإنما هما موجودتان في الداخل، ومن العجب العجاب أن يفكر المرء في حالة الحزن مقاومة هذه العاطفة، وكبتها، معتقدا أنه بهذا السلوك ينفيها إلى الخارج ويتخلص من أمطارها التي تغرق العين، في الحقيقة ليست هناك متناقضات، وإنما متكاملات، فالحزن ليس ضد الفرح، ولا نقيضه بقدر ما هو رديفه، لأنه لولا وجود الحزن لما وجد الفرح، ولما أحس الإنسان بقيمة هذه العاطفة. باستطاعة الإنسان تحويل العاطفة وليس كبتها، لأنه في حالة الكبت يكون كمن يهيل التراب على الجرح، مما يسبب التقيح، ومزيداً من الآلام. الليل ليس نقيض النهار، بل هما دورة متكاملة لليوم الواحد، كما أن الشتاء ليس ضد الربيع، فلولا أمطار الشتاء لما أزهرت بساتين الربيع، ولولا حرارة الصيف لما اتسعت رقعة الغيمة في السماء لتحبل شتاء وتمطر وتملأ الأرض أنهارا وجداول سقي وإرواء. نحن بحاجة إلى المتكاملات، كما أننا بحاجة إلى تحويل الرغبات ولايس كبتها فما يحدث في العالم من كوارث، وأزمات هي نتيجة مباشرة للكبت، وللمنع القسري الذي يهدد حياة المجتمعات، لأن في الكبت إخفاء السم تحت الجلد، ثم يتحول السم إلى طفح جلدي، والذي بدوره يصبح دمامل وقيح. هذا ما يحدث لدى الناس الكابتين، فعندما تجد طفلا مأزوما، في دراسته، وفي علاقته مع أقرانه، فتأكد أن هناك مشكلة بحجم الكرة الأرضية سببها الكبت وراء هذا التورم الخارجي. عندما تجد شخصا يتهم الآخرين بأوصاف ما أنزل الله بها من سلطان، فتأكد من أن هذا الشخص يعاني من كبت ما سبب له عقدة نقص، فحتى يستريح لابد وأن يلقي بالتهم على غيره ليخفف عن نفسه تأنيب الضمير. مشكلة العالم أجمع تكمن في عدم الاعتراف بوجود النقائض جنبا إلى جنب عندما يحدث التناغم بين هذه المتناقضات، وتصير متكاملات، تنتهي الأزمات القلبية ويزول العصاب القهري، وتتفتح أزاهير الحياة.