اللغة طائر النورس الذي يأخذ بسمات الموجة، كي يصل إلى الأفق، وينال قوة المعنى في مواجهة الريح. هكذا تبدو اللغة، فهي تقوى بقوة موجة الوعي في عقول أبنائها، وتتألق بسعة أفق من ينتمون إليها. لغتنا العربية أصيبت في مرحلة من مراحل السبات الثقافي بشيء من الوهن، ولكن بعد حين نهضت على أكتاف المخلصين، والعشاق ومن في قلوبهم شغف التماهي والسحابات الممطرة. 
اليوم وفي هذا البلد المعطاء، هناك رجال عاهدوا الله بأن تبقى اللغة العربية، هي لغة الهوية، واللسان وبوح الشعر، هي الوعاء الذهبي الذي يحتضن ثقافة وطن ومنجزاته التاريخية، وبراعة مشاريعه، وبريق مكتسباته التي أبهرت، العقول، وأدهشت كل من لديه في الثنايا ما يجعله يتمحص، ويتفحص، ويتلمس مكامن القوة في معطيات بلد ما، وفي هذا البلد هناك من معطيات ما يحرك في وجدان الناس سنابل الحلم ويملأ الأفئدة مشاعر التفوق في ميادين مختلفة. 
الإمارات اليوم يحق لها أن ترفع من فعل اللغة، وتجعل من الفاعل عربة التألق التي تأخذ بألباب الأمل إلى حيث تكمن الحقيقة، وهي حقيقة وطن أسس للوعي مبان مصابيحها من نجوم بشرية حققت في العلم كما في أي مجال آخر ما يجعلها نواقيس دهشة، وأجراس فرح. 
الإمارات اليوم في هذا الزمن الذي أصبحت المعرفة قوة، وقوة المعرفة تكمن في تفوق اقتصادها، ولكي نكون دوماً في المشهد الكوني لا بد وأن نتكئ على لغة تفسر معنى تفوقنا ودلالة صيرورة نجاحنا، واستدامة السعادة في تفاصيل ما نقدمه للعالم. اليوم الإمارات في المشهد العالمي نقطة التحول من منطقة غروب الشمس، وإلى منطقة شروقها، وهذا لم يأت من فراغ بل من بذل وسهر وكد وجد، ولكن حتى تبلغ الشجرة العملاقة مبلغ الفضاء العالي، لا بد من جناح صلب يأخذها، ويسرد معها ثيمة الرواية الوجودية، وكل ما عملت من أجله العقول كي تصبح الإمارات الدولة الاستثنائية في الوصول، ولأن الحياة جسر للوصول وليس مكانا للتوقف، فإن الإمارات ماضية في الرحلة، وبمعطف لغة ترعاها ضمائر عشاق آمنوا بأن اللغة هي هويتنا، وهي هواؤنا الذي منه نتنفس وبه تصفو رئتنا، وتحلو الحياة في عيوننا. 
اللغة هي تلك السفير الحامل بين جوانحه أمنيات شعب، وتطلعات أمة، لها مع اللغة حكاية المتنبي بما سبك، وما حبك من مفردات أيقظت في ضمير العشاق رقرقة القيثارة، ولحن المشاعر الدفيئة.