بعض المنشآت العاملة في المناطق الحرة والعاملين فيها يسيئون فهم التسهيلات المتاحة لهم ومفهوم المناطق الحرة، فيعتقدون أنهم لا يخضعون للقوانين السارية، وينعكس هذا الاعتقاد في طريقة تعاملهم مع المترددين عليهم والمتعاملين معهم.
 تابعت قبل أيام رحلة أو بالأصح معاناة أحد الإخوة المواطنين، حيث اشترى بضاعة بنحو عشرة آلاف درهم من معرض شهير في مركز تجاري معروف بالعاصمة، وعندما جرى توصيلها لمنزله اكتشف فيها عيباً تصنيعياً، فراجع المعرض ليفاجأ بطريقة تعامل مديره مع الأمر حيث رفض الاعتراف بوجود العيب واستبدال البضاعة أو إعادة ثمنها، فما كان منه إلا أن قصد «حماية المستهلك» في وزارة الاقتصاد التي ردت عليه بأنها ليست جهة اختصاص وإنما عليه مراجعة «التنمية الاقتصادية» في أبوظبي، وبعد اتصالات ومراجعات جاءه رد غير متوقع بأنها أيضاً ليست جهة اختصاص كون المركز يعد ضمن المناطق الحرة، فأسقط في يده، ولكنه واصل رحلته للوصول إلى حقه. وبعد اتصالات ومراجعات عدة قيل له إن ما يتعلق بالشكاوى تختص به مراكز التحكيم العالمية وهي تتقاضى رسومها بالدولار!!، فأدرك أن رحلته ستطول فآثر اختصارها، فبذل جهداً من دون كلل بعيداً عن «حبال المحاكم والشكاوى الطويلة» حتى وصل بعد عناء لصاحب ومالك المعرض نفسه، وهو مقيم في دبي، فأبدى الرجل تعاوناً كبيراً واستنكر موقف موظفه الذي عاد بعد اتصال رئيسه ليتواصل مع المواطن ويتحدث معه بكل رقة وتهذيب، معتبراً أنه «ضخم الموضوع» و«طوّل السالفة» بسبب «سوء تفاهم» وعرض تقديم ما يرضيه باستبدال البضاعة أو رد قيمتها.
 واقعة تدعو الجميع للحرص على ضرورة ممارسة حقهم في معرفة طبيعة المنشأة التي يتعاملون معها، وبالتالي يستطيع إدراك جهة الاختصاص، وكذلك الاحتفاظ بإيصالات الدفع لضمان حقوقهم عند الحاجة للاحتكام فيما قد يظهر في البضاعة المشتراة من عيوب تصنيعية أو من المنشأ. وعلى كل مستهلك متابعة حقوقه، فعزوفه عن ذلك يشجع الطرف الآخر على التمادي. كما أن الدوائر الاقتصادية مدعوة لتوضيح هذا الجانب وعلاقة التعامل مع الجهات والمنشآت التي تتبع المناطق الحرة أو التجارية العادية الأخرى. فدور هذه الدوائر ليس فقط وضع لافتات عند مداخل المراكز التجارية للتعريف بحق المستهلك، فحقوقه أبعد من مجرد لافتة، بل تتطلب تدخلاً حازماً عند الحاجة، لا تركه وحيداً في مواجهة مؤسسات اقتصادية وتجارية كبرى تساندها فرق من القانونيين.