- هي سياحة أهلنا في بلدان يعرفونها مثل أهلها، لكنهم يترددون عليها كل صيف، وكأن «سرهم مقطوع هناك»، هي سياحة الهروب من الحر فقط، وتغير الجو، سياحة أقرب للتنزه والتجوال وهدر الأموال من دون فائدة واحدة تحسب من فوائد السفر الخمس:
- سياحتنا وسياحة أهل الخليج في العموم تختلف من بلد لبلد، محبو تايلاند يعشقونها، لأنهم يمكنهم أن يتصرفوا كما في بلادهم، حتى أن بعض الأمكنة لا يمكنك وصفها إلا بأنها مستعمرة أو «كانتونات» خليجية صرفة، وبعضهم يطلق عليها «حي العرب»، لأنهم يجدون فيها ما في بلادهم، المطاعم نفسها، المحلات نفسها، المقاهي نفسها، الأكل نفسه، والجو يكاد يكون نفسه، فقط الذي يختلف أن مستشفياتهم تختلف، والعناية الصحية فيها تختلف، والمعاملة فيها تختلف، والأجواء تختلف، لذا تبقى تايلاند المفضلة عندنا، وعند أهل الخليج صيف، شتاء!
- سياحتنا في لندن، لم تختلف منذ أن عرفنا تلك المدينة الضبابية، وصبغناها بطابعنا العربي والخليجي، بعض الشوارع فيها تشبه شوارعنا، والمطاعم تشبه مطاعمنا، وما يعجزون أن يجدوه في بلادهم، توفره لندن بسخاء، لندن علاج، وشفاء، وشراء وتسوق، ومغامرة ومقامرة، وتفَقُد المال والحلال، وزيارة الأرحام، وعادات صيفية يصعب على أهل الخليج أن يتخلّوا عنها بسهولة.. لندن مربط خيلهم!
- سياحتنا في فرنسا وسويسرا تنحصر في شارع أو شارعين، فيهما يستعرضون ملابسهم المزركشة، ونظاراتهم وحقائبهم ذات العلامات التجارية الغالية وساعاتهم، وسياراتهم ذات الأرقام المميزة، وكأن الصيف ما هو إلا ليال تمضي في كسب ود النساء واللقاءات العابرة، فيهما يمكنك أن تشرب قهوة «مقندة» على بحيرة جنيف أو تجد «ريقوقك» بلاليط وعليه قرص بيض، يمكنك أن تستل مدواخك، وتعمّر رأسك بغليون حار في شارع الشانزليزيه، كلما كنت متصوعاً، في تلك المدينتين اللتين تتحولان لعواصم خليجية أثناء أشهر الصيف، قد تجد ما يسرّك، لكنهما تحافظان على ميزة الفحوصات الطبية، والاطمئنانات الصحية، والعمليات التجميلية، وحدهما هاتين المدينتين يمكنهما أن يعيدان رونق الشباب للوجوه العابسة طوال الشتاء، المتنسكة في الأشهر الحرم!
- سياحتنا في القاهرة، لم تتغير منذ ثورة 23 يوليو، ينقلون وينتقلون لها بقضهم وقضيضهم، ثمة إخلاص في التعامل مع مصر وأماكنها، لا هي تتغير عليهم، ولا هم يمكن أن تغيرهم المدن، يذهبون لنفس المكان، ويضحكون على نفس النكتة، يشتكون من الأكل في مصر، لكنهم يأكلون حتى التخمة، يشتكون من الزحمة وتعب المعاملات، والكثير من المضايقات الصغيرة، لكنهم ينسونها كلها كلما حلّ الصيف، وعنّت القاهرة على البال، في القاهرة يشعرون أنها لهم وحدهم! وغداً نكمل…