المطر فرحة الناس والأرض والشجر، مطر أغنية الجمال والانشراح والبهجة والسرور، مطر ترانيم ومعزوفة الغيم والسحاب المرتحل إلى الفضاءات البعيدة، إلى روؤس الجبال، إلى الصحاري والهضاب والسهول والوديان.
المطر فرحة الأعياد وجرس يوقظ كل الجمال في وجدان الإنسان، زهرة ووردة الأيام البديعة، هو الفارق والاختلاف الذي يأتي مثل هبوب النسيم ليزيد من جمالية الوقت، مطر ما أجمل هذه الكلمة وما أروع انهمار المطر، وخاصة في المناطق التي تعشق فترات هطوله وامتداد فصوله. تعودنا على أن للمطر مواعيد ووقتاً وزمناً ينتظره الجميع بسعادة وفرح كبير، شتاء الإمارات هو موعد هذا الفصل الجميل والحلم بأن يأتي المطر والغيث مدراراً، وأن تزهر الأرض وتنبت الصحراء ويخضر الجبل وتغني الطيور في السهول.
الآن في زمن الجمال والعناية بالمناطق الداخلية وكثرة الاهتمام بالقرية والريف والدفع بالقرية لأن تكبر وتعمر وتتحول إلى مدينة صغيرة وجميلة بتوفير كل وسائل الحياة الحديثة وتهيئة هذه المناطق الريفية التي أخذت حظاً كبيراً من الاهتمام حتى أصبحت نموذجاً لقضاء أوقات سعيدة في ربوع الوديان والسهول والجبال، كل هذا ظهر واضحاً على أبناء الداخل والصحاري الذين زاد ارتباطهم بأرضهم.
المطر الآن، واستمرار هطوله في هذه الفترة من العام، وفي شدة القيظ، يعطينا صورة جميلة وفترة رائعة تنعم بها الإمارات في شرقها وجبالها ومناطقها الداخلية. صحيح أن بعض مناطق الإمارات الجبلية والداخلية من العين إلى المناطق الشرقية التي تقع خلف الجبال من أزمنة التاريخ البعيدة وهي تعرف المطر وهبوب (الراويح) في هذه الفترة، والتي تأتي من جبال الحجر والمتأثرة بالرياح التي تهب عبر المحيط الهندي والعابرة للحدود العمانية الإماراتية، والدافعة بكمية السحب والأمطار إلى المناطق الداخلية.
المطر حكاية الغيث، حكاية الزهو والفرح والانتظار، هو مفتاح الحبور والسرور، محال أن تجد إنساناً لا يحب المطر، نادر أن تجد فرداً من البشر لا يحلم بأن يسير تحت المطر، وهو في قمة السعادة والفرح. المطر مفتاح وبوابة ونافذة للأرواح الجميلة، لعشاق الحياة والطبيعة وعلى الخصوص الصحراوي منهم. لا أحد لا يتمنى أن يستمر هطوله، ولا أحد يتمنى أن ينقطع المطر، إنه زمن رائع وبديع جادت به السماء لغرس الفرح والجمال، لذلك يردد الجميع «يا الله زيده وارحم عبيده».
إن استمر المطر بحضوره البهي هذا فسيكون له تأثير جميل على الحياة اليومية والأرض وخصوبتها، ستزداد فوائده وخيراته الكثيرة وأهمها أنه يزيد من خزان المياه في الأرض، ويروي كل أرض زراعية أو غيرها من المناطق الصحراوية وأراضي المراعي والسهول والوديان ومجاري الجبال التي تتدفق كلما فاضت المياه إلى القرى والواحات.
بعد شهرين من الآن سيبدأ موسم التغير الحقيقي في المناخ وتكون فترة ترقب هطول الأمطار الموسمية قد بدأت، وربما تكتمل دائرة هطول الأمطار من هذه الحالة الممطرة الآن إلى تلك الفترة الموسمية، والتي يتوقع أن تكون ممطرة وجميلة.