«جماعة ليش ما خبرتني» كثيرون، ولكنهم لا يظهرون إلا متأخرين، وبعد أن تكون قد حلّيت المعضلة أو أنهيت المسألة أو طاحت الفأس في الرأس، وليس هناك من مخرج، لا تجدهم عند الحاجة، وساعة الحَزّة، لكنهم يلومونك على الدوام، ويضعون على كتفك ثقل الندامة، والتأسف بأثر رجعي، حين يصدمونك بسؤالهم المبهم: «ليش ما خبرتني»؟
- تكون قد اشتريت سيارة جديدة، رمادية اللون، ودفعت ثمنها نقداً، وما زلت مستمتعاً برائحة الجلد الجديد، ويبهجك منظر البلاستيك الشفاف فيها، ويصادف أن يمر بك أحد من الجماعة، فيعض أصبع الندم، ويبدي التأسف، ويقول لك: «يا أخي ليش ما خبرتني قبل ما تشتري السيارة؟ كنت جبتها لك أرخص، وإلا خليتك تشتري السوداء فيها مواصفات أكثر وأحسن بنفس السعر»!
- تكون قد أرسيت الأساسات، ورفعت البنيان، والاستشاري لطم نصيبه، والمقاول حصل على نصف قيمة المقاولة، ويلمحك واحد من الجماعة وأنت متعب ومنهك وبادي عليك أثر المراجعات للدوائر المختصة، ويرجّك بسؤاله الغائب الحاضر: «آفا عليك تبني، ولا تخبرني! ليتك خبرتني قبل كنت بدبر لك استشاري ولد حلال، ومقاول طايع الله، وفيلتك بتظهر عليك بثلثين القيمة»!
- تكون تتقطق في السوق، لزيادة دخلك بعد الوظيفة العمومية، يعني كافل «كواي»، وحلاق في الحارة، وراضي بما يأتيك من رخصة دكان الخضرة في «الجبرة»، يطلع لك واحد من الجماعة، ويرأف بحالك، وما صار إليه مآلك، ويريد لك الراحة وزيادة الدخل، فيرشّك بالسؤال: «يوم كنت تريد تفتح تجارة، ليش ما قلت لي، وخبرتني؟ كنت بشير عليك بشور، تودر عنك هالركضة، وهالكفالات اللي بلا فائدة، وأن تستثمر في العملات المشفرة»!
- تكون قد رتبت سفرة الصيف مع الأولاد بما يتناسب وميزانيتك التي كنت تلهث لكي تغطي أيام الإجازة الصيفية، وبعد أن تكون قد أكملت كل الحجوزات، وتجهزت للسفر للبوسنة، يخرج لك واحد من الجماعة، وليس عنده غير ذاك السؤال المعهود: «ليتك خبرتني، أعرف ناساً هناك مسلمين، بيحجزون لكم شققاً رخيصة، وبيستقبلونكم في المطار، وبيكونون لكم السواقين والمرشدين، بس.. ليتك خبرتني قبل ما تحجز، كُنتُم انبسطتوا ولا خسرتوا كل هالخسائر، وبعدين لندن من شو تشكي؟ كنتم رحتوا لندن بنترافق وياكم»!
- عند جماعة «ليش ما خبرتني»؟ ما تقدر تشك خيطاً في إبرة، ولو حتى ما عرفت وين تجلس، بيقولون لك: اجلس على رأس الحامل! حتى لو ربطت رأسك من دون وجع، ستجد أحدهم يظهر في وقته المناسب، ويقول لك:«ليش ما خبرتني؟ ليتك ما ربطت رأسك من دون وجع»!