يبدو أن متغيراً ثقافياً كبيراً قد حصل في منطقة الخليج العربي، بل في المنطقة العربية، طبعاً كانت ثمة قديماً أحاديث عن الحرارة والرطوبة والأجواء المناخية الصعبة في منطقة الخليج العربي والجزيرة العربية، وكيف تعدُّ الناس العدة لها والهروب منها إلى مناطق داخلية أقل حراً، مثلاً قد ترحل إلى شعم أو الباطنة أو العين أو حتى تصل إلى أعالي الجبال (بخا ورؤوس الجبال) وكذلك الرحلة إلى ليوا قديماً تعتبر تغييراً عن رطوبة الساحل، ولكن الحديث المتعارف عليه عن حرارة الصيف ولهيبها أخذ يتغير كثيراً.
الجميع مستقر في أماكنه، رائع ومقبول وجميل أن تمضي «قيظك» في المنيعي مثلاً أو شوكة أو الوديان الكثيرة في باطن الجبال الإماراتية مثلاً وادي الحلو، بل حتى في محيط عين خت أو بعض المناطق الداخلية مثل المدام أوالبطايح.
إذن ماذا تغير في هذه البيئة أو ما الذي حصل حتى تغير هذا الحال تجاه حرارة الصيف، الجواب هوالاشتغال عليه لزمن طويل. (50) عاماً من تغيير البنية التحتية وأهمها الطرق واتساعها بالمساكن، طرق هندسية جيدة، وطريقة بناء الشعبيات، بحيث تعمل على التحصين الذاتي خاصة في الجبال والمناطق الصحراوية. وكان العامل المهم والأقوى هو الاهتمام بالتشجير والزراعة والعناية بالمزارع والمراعي المهجورة والعودة إليها بقوة العمل بعد الدعم الزراعي والمادي. وكان أيضاً لتأثير التثقيف بأهمية أن لا يترك أصحاب الأرض الزراعية أراضيهم والعودة من جديد إلى العمل في الأرض والزراعة وإحياء إرث أهلهم وأجدادهم. كان لكل ذلك الأثر الإيجابي الكبير والمساعد في هذا الوقت والزمن.
والمتتبع لوسائل الإعلام المهتمة بالزراعة والتشجير والأغذية الصحية وتطوير الاستيراد والتصدير والإنتاج الزراعي، يلاحظ هبة كبيرة للتسويق الزراعي وزيادة المساحات الخضراء والزراعة، والإمارات تسير بخطى حثيثة وتحقق مكاسب ضخمة في هذا الطريق. 
والجميل في الإعلام الغذائي والزراعي طرح كل ما تخرجه الأرض الطيبة الزراعية في العالم، لأنها تقدم لنا معرفة كبيرة وجميلة لكل الثمار وأنواعها وأشكالها، وتعرفنا على ألوانها ومذاقها وطعمها، وفي أزمتنا القديمة بالكاد نعرف ثمار بلدنا أو منطقتنا الصحراوية (رطب، تمر أو برتقال أو تفاح)، إنها أنماط حياة وتجارب زراعية وثقافية ومعرفية تقدمها الشعوب لبعضها بعضاً.
علينا أن ننوع وننتج أطيب الثمار في تجارب جديدة لأنواع من النباتات، وطرق جديدة لإكثار التلقيح، ووسائل وطرق يقدمها مزارعون من دول أخرى أصحاب خبرة ومعرفة في الزراعة.
لقد حصلت تغييرات كبيرة عند بعض المزارعين الجدد، خاصة الذين اهتموا بالدراسة والعلم والمعرفة والتثقيف في المجال الزراعي، وتوفير الدعم. إن استثمار هذا الاتجاه نحو تغيير أنماط الحياة وطبيعة الصحراء سيشكل عالماً آخر أخضر في قادم الأيام.