اليوم يقوم منتدى أبوظبي للسلم بدور ريادي تنويري يهدف إلى عقد الإنسجام بين الأديان وهو ما ينسجم مع روح العلاقة الطبيعية بين الديانات الإبراهيمية. ويتوافق مع وحدة الوجود التي سنتها تعاليم الأديان، وطبعتها في قلوب المؤمنين بأننا كلنا من آدم وآدم من تراب، وهذا المعنى يدل عليه ما سارت الديانات السمحاء، بهدف وضع الشريعة السماوية على حد سواء، وليس التنزيل السماوى سوى توحيد المشاعر الإنسانية وعبادة الخالق الواحد، والانتماء إلى سماء واحدة وأرض واحدة تضم رؤى الإنسانية وتحفظ أمانيهم، وتصون تطلعاتهم، وتمنع عنهم التشرذم، والفرقة والتهلكة. 
الإمارات عن طريق منتدى أبوظبي للسلم تشق قناة الوصول للآخر بحنكة الأذكياء، وفطنة الأوفياء، وبلاغة الحكماء، ونبوغ النجباء، وحصافة النبلاء. هذه الخصال جديرة بأن تفتح لجداول السلم أن تسري في عروق الحياة وتجعل من العلاقات الإنسانية أغصان أشجار تسند بعضها بعضاً في وجه النائبات وتمنع عن البشرية خدوش عوامل التعرية الفكرية، وتدفع بالعالم نحو بناء جسور التواصل، لغد يشرق بالفرح والتفاهم والتضامن، والتعاون ولا يمكن للإنسانية أن تستمر في المحافظة على وجودها من دون الثوابت والأركان التي تصد وترد كل ما يهدم أماني الشعوب وتطلعاتها في العيش في أمان، واستقرار ورفض كل ما يغبش، ويغش الضمير ويحكمه بأصفاد الكذب والافتراء، والتدليس، والتطرف في تناول قضية الدين.
 ما تقدمه الإمارات للعالم لهو المهد والسعد، وهو الطريق المعبد بأفكار لم تسبقها نوايا العنصرية، ولا أوهام الأنا المتضخمة، ولا إفرازات العقل الباطن، ولا أفكار مسبقة تقودها عربات اللاشعور وما يخفيه من أوثان التعلق بصور خيالية رثة، كثة في ثناياها الكثير من الغبار، والسعار، هذه النزعة الشريرة هي ما تسعى الإمارات لمحاربتها، وإجهاض سمومها، وكسر شوكتها، لأنه ما من تطور يحدث وفي تجاويفه تكمن تلك الحثالات، وبقايا عصور جاهلية. 
الإمارات تفعل ذلك بوعي القيادة وأمانها بأن الوحدة البشرية لن تتحقق، والسلام لن يرتع في الربوع طالما بقيت بذرة الأنانية تنمو وتكبر وتترعرع في الضمير الإنساني، فالحب بين الناس أولا، وأخيرا، ولا مناص من بذل كل التضحيات وإروائه بجداول التسامح، وتجاوز التفاصيل الصغيرة لأن الشيطان يكمن في التفاصيل، ولأن جرثومة الحقد هي الأشد وطأة على بناء العلاقات السوية بين الأمم.