اليوم يوم فيه تبتسم الأوراق أو تكفهر، اليوم يرفع الصغار والكبار الكفوف داعين التيسير، وانفراج الذاكرة عن حصاد يقود إلى آفاق أيام قادمة مفعمة بالأمل، واحتساب أجر السهر، وتعب الأيام.
وبعد أسبوع وأكثر سوف تصبح هذه الموقعة شيئاً من الذكرى الجميلة، ويذهب كل إلى ميدانه في كسب العلم الأغزر، والأشمل، والأعمق.
سوف يجلس الطالب الذي حصد النتائج والدرجات العلا، مع ثلة من رفاق الدرس والتحصيل ويستدعي أيام الحضور، أمام رسول العلم، ويستجلب الصور، والمشاهد، والأحداث التي مرت وشغلت البال والخاطر، ويستجلي كل على هواه كيف ساوره الحلم وهو على كرسي الدراسة، أو من خلف شاشة الجهاز الإلكتروني، وكيف فكر في المستقبل، وكيف ناقش مع زملاء الدرس صور الحلم الزاهي، وتفاصيل الالتحاق بالتخصصات العلمية، التالية على المرحلة الثانوية.
سوف تظل هذه الأيام، أيام الدراسة الثانوية صوراً عالقة في الأذهان كأنها نتف البرد، كأنها وريقات اللوز على حواف الجدول ترسل ومضاتها الخضراء، باعثة الفرح في عيون صغار أصبحوا اليوم كباراً، لهم في الحياة فن وشجن، لهم في علاقاتهم المجتمعية رفة عيون الطير وهو يسف جناحيه على الغصن الرطيب.
صفحة سوف تطوى، وأخرى سوف تفتح، ومع الفتح والضم هناك مشاعر تولد، وأفكار تتفتق، وأحلام تنبثق، وعلاقات تنبجس، ومساحات واسعة تفتح عيونها أمام الطالب الصغير الذي كبر وصار في الريعان يخطب ود الحياة بأريحية، وامتلاء بأمنيات تجعله بين نهري العمر الذي مضى، والعمر الذي تزهو زهراته بالبريق، يخرج من تحت قشرة الحلم كأنه ثمرة لوز تقشر لذتها وتسفر عن احمرارها الشهي، عالم جديد يدخله الطالب بعد انقضاء مرحلة الثانوية ومعه الأهل والأحبة يسابقون الزمن للوصول إلى ضفة النهر الأخرى والتي ستأخذ الطالب إلى شعاب جديدة وجادات تطل على المستقبل بعينين واسعتي الحدقات.
وهذا ما يمنح الحياة جمالاً، ورونقاً، وقدرة على توسيع الممرات باتجاه وجود يتخلق كأنه الفراشة في طور الخروج من الشرنقة.
كأنه البذرة في مرحلة التفتق من تحت قشرة النشوء.