يا ولدي ويانبض قلبي. يا خفق روحي وتردد أنفاسي.. ياهذا الرابض في ملكوت القلب.. يا البازغ كالنجم عليّْ.. يا الشامخ كالوعل النافر بين يديّْ.. يا الألق السابح في عينيّْ.. يا الغامض كالسر المخفيّْ.. يا الواضح فيما يكشفه المرئيْ.. يا غصن خلاياي وذرات دمي.. يا جوهرة الروح ودليلي الى مفترقات الدرب.. أسميتك منذ ابتدأ تكوينك في رحمي نبضات «الحب»، ولهجت بأحرف اسمك التي انتقيتها منذ افتتاني بأسماء شعراء العرب: (قيس بن الملوح)، وفي خلوات النفس وفي محراب الحب تأملت أحرف اسمك فبدت لي بهذا الجمال:الـ «قاف» قبس من النور الذي يضيؤني في عتمة الوجود، والـ«ياء» ياقوت قلبي المخفي في خفايا الحلم، والـ«سين» سر الألماس الذي يبرق حين انطفأ وهج روحي.
هكذا أسميتك «قيسٌ» وأبدعتك من أسرار الكون حين اندلقتَ كنطفة في رحم النساء الذي حظاهن الله والطبيعة بنعمة التجدد والتكوين، وسررت إليك منذ أن احتضنك طفلاً بأسباب تطور البشرية بالعلم والتجريب، الذي غير إيقاع الحياة من بدائيتها بسبب التوغل في خفايا أسرار الكون والإبداع، وحفظتك في قلبي وعقلي كسورٍة أتلوها حين الهم يراودني ويراوغني قلق الخوف عليك، قرأت عليك تعاويذ المهد، وبعثت إلى خطواتك ما اتجهت حراس حناني وخفقات القلب، وأحطك في طرقات حياتك، في صحوك، في غفوك، في منعطفات الدرب، بفيض حناني وخفقات القلب، وحين شبُّبت عن طوق طفولتك، وتخطيت مسار العمر الصعب، بضياء بصيرتك ورحابة أحلامك، بوسامة هيئتك وأناقة طبعك وفتون محياك، وبما اكتنز العقل، وما اتسع القلب، لا قيد يأسرك، لا سوط ينهيك أو يأمرك، لا حراس عليك سوى حارسك الحب. وأنا بالغبطة أرقبُ خطوات صباك وشبابك ورجولتك، تتسلق شبراً شبراً أبراج العلم ونور الوعي وخفايا الإدراك، وأنا بخفق قلب الأم أتوج هامتك الشامخة بالورد وبالفل وبالريحان وبكل ما تدفقت به روحك من حب وعشق لنباتات الطبيعة التي تتدفقُ بين يديك كأنهار من الخصب تحيل الزمن القاحل غابات وبساتين في كل بيت، وكل شبر قست عليه الطبيعة في تحولاتها القسرية بسبب تغير المناخ الذي أحالته طموحات البشر إلى مناخ لا يرتضي التحول ولا يدفق بالخصب في جذور الشجر.
وحين أراك تزورني بعد غياب فرضته شروط العمل من أجل اكتساب الرزق واحتياجات المعيشة، سأضمك بحنان الأمومة رغم طول الغياب، وأشم رائحتك الزكية كأنك ما زلت طفلاً بين يدي، فيهلل بالفرح الطاغي كل كياني وتطوحني النشوة فوق ذرى الأفلاك.