مكانه في ناصية ما من معرض أبوظبي الدولي للكتاب. تشعر وأنت تلج محيطه، وكأنك تشرف على نجوم السماء عن بُعد، يدخلك السرور وأنت تتابع نشاطه الثقافي، فتستعيد الذاكرة لأيام الثمانينيات من القرن الفائت.
شباب في عمر الزهور يمسكون بالدفة، ويذهبون بالمركب نحو المحيط هناك، حيث تكمن الدرر وحيث الأمل يفتح أشرعته ويشير بالبنان إلى مرابض النجاح، إن كنا نريد أن نعبر بالسفينة نحو غايات، ونرفع الرايات، ونختزل عقبات الزمان لنصل إلى الأهداف السامية والتي يصبو إليها كل محب، وكل عاشق لهذا الصرح، وكل من لديه الأمل في يكون الاتحاد بيت الجميع، وكتاب الجميع الذين يتلون من خلاله نوايا الكلمة ويحدبون في شعابه، حيث يكون المسعى هو إنارة الطريق لمن سيأتون من بعدنا ويتحملون المسؤولية بشرف القيم العالية والأخلاق الرفيعة.
من يبتعد عن الاتحاد كمن ينأى بنفسه عن فيء الظلال ويتكئ على رمل الحرقات، من يبتعد عن الاتحاد يعيش أيامه في سؤال الانتماء إلى بيته الذي هو حضنه فقد تختلف، وقد تجرنا الفردانية إلى أسئلة الأنا والآخر، ولكن كل ذلك يبدو مجرد فراغ يأخذ إلى فراغات مدلهمة، قاتمة.
الأمر الصحيح، هو أن نتخلص مما في النفوس ونعود طائعين إلى مكاننا. وبيتنا، وصرحنا الذي منه وإليه تعود كلمتنا المسموعة، ونبني على أثرها فصول الرواية، وأبيات القصيدة.
لا أعتقد أن البناء الثقافي ممكن أن يستقيم إذا لم نعِ أهمية أن نضع الأيادي متشابكة، والعيون لؤلؤات تضيء ليلنا، وتذهب بنا إلى حيث هو مكاننا الصحيح.
أعضاء الاتحاد جميعهم لا غنى عنهم، كما لا يستغني الجسد عن عضو من أعضائه، الأمر الذي يتطلب الجدية في اتخاذ القرار الحاسم، وتغيير وجهات النظر التي لا تفيد ولا تسر، الاتحاد بحاجة إلى كل عضو، والتئام الجميع تحت مظلة الاتحاد يحمي الجميع من لظى العزلة، ويمنح الجميع هوية هذا الاتحاد الذي هو الجوهر الذي نشأ من أجله، وترعرعت مواهب في ظلاله.
أتمنى أن يعود الغائبون فهذا بيتهم، وهذا مآلهم ومنزل أحلامهم.