كانت نهاية البريمير ليج مثل حفلات السينما الشائقة التي تعرض أفلاماً عامرة بالأكشن، والإثارة، والدراما، بوساطة مخرج يحرّك الأبطال بسيناريو غير معقول وغير قابل للتصديق.
وعلى مدى ساعتين أخذنا ننتقل بين مباراتي مانشستر سيتي وأستون فيلا، وبين ليفربول وولفرهامبتون، كأننا في سباق خيل، تخوضه أفضل الجياد بقوة ونضال ونزاهة. 
وتشهد الأمتار الأخيرة منافسة رأساً برأس، ليقف الجمهور مشدوداً، ومذهولاً، ومتوتراً، ومتحمساً، وسعيداً بتلك المنافسة في أفضل مسابقة دوري في العالم، وأكثرها صعوبة وتعقيداً.
تقدم أستون فيلا بهدفين، وأسرعت «جماجم العصافير» بتفسير ذلك على أنه دور المدرب ستيفن جيرارد المولود في مدينة ليفربول ونجم فريقها السابق.
لكن مانشستر سيتي عاد، وفاز 3/2 وتوج بلقبه الثامن في تاريخه، والرابع في خمسة مواسم قبل نهاية المباراة بـ 14 دقيقة، وجاء هذا اللقب في أصعب موسم، وجاء الفوز كأنه ضربة إرسال أخيرة تمنح صاحبها لقب بطولة ويمبلدون للتنس، كما قال جوارديولا تعليقاً على هذا الانتصار.
أتذكر أنه حين خسر مانشستر سيتي مباراة ريال مدريد باستاد سنتياجو بيرنابيو، وجه المحللان إيفرا وبيرباتوف نقداً عنيفاً للفريق، ووصفوه بأنه بلا شخصية، وكان ذلك تسطيحاً وتحليلاً يفتقد الدقة بالنظر إلى تفوق السيتي في تلك المباراة من ناحية السيطرة والفرص والأداء.
ومن واقع تجارب سابقة ولاحقة أثبتت أن مانشستر سيتي فريق يمتلك الشخصية، والآن يتحدث الخبراء والمحللون عن سر جوارديولا وسر مانشستر سيتي.. فكيف حقق هذا المدرب لقبه التاسع مع الفريق منذ أن تولى المهمة عام 2016؟
هو مدرب عبقري، وشديد الحساسية، ومبتكر ومبدع، ويلعب بجد، ويعمل بجد. وقد صنع في السيتي مزيجاً فريداً بين مهارات فردية للاعبين ومهارات جماعية تليق بتطور كرة القدم، وكيف أصبحت شديدة الصعوبة وشديدة التعقيد.
ولجوارديولا فلسفته الخاصة التي تقوم على فكرة الهجوم، والهجوم، والهجوم..
ليست تلك وحدها أسباب نجاح مانشستر سيتي، فقد حقق جوارد يولا لقبه التاسع بتعاونه مع فريق آخر، بجانب فريقه من اللاعبين، وفي المقدمة سمو الشيخ منصور بن زايد، ومعالي خلدون المبارك رئيس مجلس الإدارة، الذي يتحدث معه جوارديولا قبل وبعد كل مباراة. وجلسات وحوارات وجبات الإفطار اليومية في الحرم التدريبي مع اللاعبين، والتشاور مع مساعده ومعلمه خوانما ليلو صاحب كتاب أسرار التكتيك، وكذلك مدير كرة القدم تكسيكي بيجيريستين، والرئيس التنفيذي فيران سوريانو، ومستشاره مانويل إستيارتى.
* * قصة النجاح باختصار هي الإدارة، ووجود المشروع والثقة والإيمان والاحترام المتبادل والعمل الجماعي والتميز.