اختتم في المملكة العربية السعودية الشقيقة الأربعاء الماضي، المؤتمر والمعرض الدولي للتعليم 2022، الذي أقيم في مركز الرياض الدولي للمؤتمرات والمعارض، ونظمته وزارة التعليم السعودية بمشاركة وزراء وخبراء، وأكثر من 260 جامعة عالمية ومحلية ومؤسسات تعليمية من 23 دولة.
ومن بين كل المداولات والجلسات التي شهدها المؤتمر خطفت الأضواء مداخلة قصيرة، ولكن مؤثرة لحاتم بن سالم وهو أكاديمي ووزير سابق للتربية والتعليم في تونس، حذر فيها مما اعتبره «مهزلة» و«فخاً» للدول العربية تحت مسمى «التقييمات أو الاختبارات الدولية».
وتحدث في مداخلته التي جاءت في الصميم بأنه عقب توليه المنصب اتخذ قراراً بانسحاب بلاده منها بعد أن كانت تكلف اختبارات «بيسا» فقط على سبيل المثال خزينة الدولة التونسية مليون دولار سنوياً، بما يساوي بناء معهد لألفي تلميذ هناك. كما قال وأضاف بأنه رغم الملايين من الدولارات التي تضخ في مثل هذه الاختبارات فإن المؤشرات لا تتقدم. طبعاً لأن العملية أصبحت «تجارة»، داعياً لتبني آليات ومعايير وطنية تتناغم مع التطلعات لنوعية التعليم المطلوبة في بلداننا.
لحسن الحظ نحن في الإمارات تنبهنا للأمر ولكن متأخراً، وكنت قد كتبت تعليقاً بهذا الشأن مطلع فبراير الماضي في أعقاب نشر صحيفتنا «الاتحاد» مقابلة مع ديريك هاستيدت الرئيس التنفيذي للجمعية الدولية لتقييم التحصيل التربوي، والتي تقيس منذ عام 1958 مدى تحصيل الطلاب في مواد، مثل الرياضيات والعلوم (تيمس)، والقراءة (بيرلس)، قال فيها إنه ليس «مع التسابق المحموم للدول على تصدّر تصنيفات الاختبارات الدولية، بل قلّل من أهميتها»، ودعا لتبني اختبارات ومناهج وطنية.
وذكرّت في تعليقي كيف دفعنا «تجار التعليم وأصحاب الأكشاك إياها» في أتون سباق بلا نهاية لتلك «الاختبارات الدولية»، وفي مقدمتها «آيلتس» والتي حرمت مجاميع كبيرة من الطلاب والطالبات من دراسة التخصص الذي يرغبون، وذلك الكشك الذي كان يتخذ من أحد الفنادق مقراً لامتحاناته التي تدر عليه مليون درهم في الأسبوع، بعد أن أقنعونا بأن اللغة العربية ليست أداة العصر ولا التعليم المتطور. قبل أن تنهض وزارة التربية والتعليم بمشروع تعليمي وطني، وترسي قواعد تجربة المدرسة الإماراتية المتميزة وتتبنى أنموذج الإمارات القياسي للامتحانات «أمسات»، لأنه لا يصح إلا الصحيح، في إطار جهود متواصلة لتحقيق نظام تعليمي بهوية إماراتية لوطن يسابق نحو المجد والتميز في الخمسين القادمة».