نستهل زاويتنا اليوم بواقعة طريفة قديمة جرى تداولها عبر وسائل التواصل الاجتماعي عن قصة الأميركي «توم كاسبر» الذي كان موظفاً في شركة مختصة بتحليل البيانات، ووجد نفسه عاطلاً عن العمل بعد أن قرأ كتاباً في«التنمية البشرية» نصحه بأن «الابتسام الدائم في وجه المدير يجلب للموظف الترقيات والنجاح في العمل»، وعندما طبقها حرفياً خسر وظيفته بعد أن طرده مديره الذي اعتقد أنه مختل ويتعاطى المخدرات. وقال كاسبر عما جرى له بأن «أسوأ شيء فعله هو قراءة كتب «التنمية البشرية».
عندما تزور أي مكتبة من المكتبات الخاصة الكبيرة منها أو الصغيرة، تجد أرففاً تزخر بكتب تحت مسمى « تنمية وتطوير الذات» لمؤلفين خليجيين وعرب وأجانب، وغالبية الكتب مترجمة وتعتبر «من أكثر الكتب مبيعاً» التي لم نسمع في يوم من الأيام بأن أحداً من أساطين عالم اليوم قد «طور نفسه» أو«صنع نجاحه» بوصفة من الوصفات التي تقدمها تلك الكتب، وبالذات سلاسل «كيف تصبح مليونيراً؟»أو«مديراً ناجحاً بينما مؤلفوها يعانون أحوالاً معيشية مريرة.
تطالعك كذلك وسائل التواصل الاجتماعي والإعلانات عن تنظيم دورات «الكوتشنج» مع رحلات خارج تحت مسميات شتى، للمدرب الفلاني أو العلاني، وكل يقرن اسمه بلقب دكتور «والكوتشنج» «الاحترافي وغير الاحترافي»، وأنه معتمد من دون أن يحدد لك الجهة التي اعتمدته في سوق اختلط فيها الحابل بالنابل. ومع احترامنا للجهد العلمي والمهني لهذه الفئات والمهن الجديدة، نتمنى على الجهات الرسمية التي يفترض بها الإشراف على القطاع تنظيمه على الأقل، حتى لا يكون«مهنة من لا مهنة له». خاصة أولئك القادمين من الخارج والذين تستأجر لهم وكالات متخصصة في المناسبات قاعة بأحد الفنادق وتلقي حجوزات الراغبين في الحضور، وبأسعار باهظة وبحسب «رنة» اسم «خبير» و«مدرب» «الكوتشنج» المعتمد في بورصة الدورات، وكذلك أولئك الذين يقدمون دورات «الزواج الناجح» و«بناء الأسرة السعيدة» ممن لا علاقة لهم بالأمر!!. 
نحيي في هذا الإطار تجربة دائرة تنمية المجتمع في اشتراط الترخيص لمزاولي المهن الاجتماعية، حيث وضعت ضوابط لها، بحيث يطمئن الجمهور بأن المحاضر أو مقدم الخدمة شخص مؤهل ومرخص من جهة رسمية، والتنظيم أمر صحي ومطلوب ليعرف كل ذي حق حقه.
قديماً قالوا«لو كل من جاء نجّر، ما بقي في الوادي شجر»!!.