يمضي الارشيف والمكتبة الوطنية  وعلى كتفه تحط الذاكرة الوطنية نورس حلم، وموجة وعي بما يدخره الوطن من ثروة لا تنضب، وذخيرة لا تسغب، ويبقى الوطن هو الحلم في عيون أجيال متعاقبة، ومراحل تاريخية متتالية، يبقى في الوجدان شوقاً وتوقاً وحدقاً وعبقاً، منه تستمد الأرض الطيبة عنفوان أشجارها الباسقة، وعشبها القشيب، وتمضي القافلة على كثيب مخصب بطموحات العشاق بأن تظل الإمارات كتاباً محفوظاً، وقلماً يسجل للقادمين سيرة بلد له في المجد ضوء، وفي السمو علم يحمل سجايا الذين نهلوا من معين الحياة ونقشوه على التراب الكريم يقيناً وأيقونة، وسيمفونية تترنم بحب وطن أعطى فأجزل، وبذل فأكرم، ونعم حتى صار في الدنا النعيم الذي يذكر في الجنان ويخلد في أقدس الكتب.
في هذه المرحلة والعالم يفتح أذنيه، للصوت والصيت، ويحدق ملياً لمن يعرف خط النون والقلم، يسرد الأرشيف الوطني في بلادنا الحكاية ويترجم القصة التاريخية لينير بها الطريق لمن سلكوا دروب المعرفة بحثاً عن الذات، ونبشاً في تلافيف الحياة، وتواصلاً مع الآخر، واتصالاً مع القارات الخمس بحيث أصبح العالم اليوم مثل أغصان شجرة واحدة، يميل الغصن الواحد، فإذا بالأغصان الأخرى تطرب جذلى محتفية بالنسيم، محتفلة بالفضاء الرحب، متحدة تحت مظلة السماء الواحدة، مترنمة بأنغام الوجود، ولا شيء يطرب في هذه الدنيا سوى أن نكون في الأبجدية حروفاً كالجداول تسقي بعضها بعضاً، وتنمي في الوجود معنى النماء والانتماء. 
الارشيف والمكتبة الوطنية بكوادره الواعية بأهمية أن تكون الذاكرة الدلو والنبع، يعمل جاهداً على مد الجسور، وفتح القنوات، ورفع سقف الحلم ويمضي في السفينة يذرع المحيط، ويحيك قماشة الفرح بإبرة المهارات الرائعة، ورونق العبور نحو الآخر بكل بسلاسة وسلسبيل، متجذراً في المعرفة الإنسانية، مترسخاً في ثقافة الآخر كونها الشريان والوريد، وكونه سم الخياط في مشغل الثقافة الإنسانية ولأن الترجمة هي الطرف المغذي للإبداع وهي ضلع الصدر وعظمة الخاصرة، يهب الأرشيف الوطني لترسيخ هذا المنجز، وتأكيده، وتشييده على أسس علمية تجيد التعامل مع أهم الأهداف الوطنية التي وضعتها القيادة الرشيدة في نهجها، وهي أن نكون حاضرين في المشهد بقوة، وسطوع، وينوع، ويفوع، والأرشيف الوطني يملك المقومات المادية والبشرية وبتفوق، الأمر الذي يجعلنا نتفاءل، ونملأ جعبتنا بمزيد من الأحلام، ومزيد من الطموحات، ومؤتمر الترجمة الذي يقيمه الارشيف والمكتبة الوطنية هو شيء من قطاف، وسوف يتلوه جني لثمرات تتعاقب في الزمان والمكان.