يا أخي.. القصار أصحاب نشبة، حاول أنك تغلب واحداً منهم، ولو على غفلة، ما تقدر، لا في القول ولا في المواجهة، لأن نصفه المدفون في الأرض يجعلك تحتار كيف يمكن أن تخرسه، تجده يصارخ تقول طايح في طوي، فيغلبك بالصوت العالي الذي يعتقد أنه يزيده شبراً فوق هامته، ولا تعرف من أين يمكنك أن تمسك به، فهو دائماً مشروع أن يفرط من بين يديك، تقول داهن عمره بِصَلّ، وأنت في الحقيقة مرات تحاول أن تاوي عليه من الضرب الذي يمكن أن يأتيه، ولا يعرف هو كم سيقاسي من الدباغ إن طاح في يد واحد لا يرحم، لكنه ما يجوز، تلقاه مرّتَزّاً مثل وتد نسيه المخيمون وراحوا عنه، وبعد فيه شيء بغيض وعوف، أنه لا يرد على الناس الذين أعقل منه، وينصحونه دوماً أن يحط بِيصَهّ في الدعنة، ويودر عنه منازلة الذين أطول عنه، لكن تلقاه عاطنهم الأذن الصمخاء، ويظل يهاوش الناس، ويخاوش نفتة الدبيّ، ويريد أن يظهر سليماً معافى من الضرب واللدغ!
ما أحد يربك أهل المسافرين الكرام في السفر، مثل الذي يريد أن يصلي الصلاة في وقتها، مع تحذير وتنبيه لكل الناس قبلها بنصف ساعة، وشكر أو لوم بعدها بنصف ساعة، رغم أنه قادر أن يجمع ويقصر إما تقديم أو تأخير، سُنّة، واتباعاً للرُخَص، لكنه يصر أن يتلاعب بأعصاب المسافرين الكرام الذين معه، ويؤدي الصلاة منفردة، ويزيد من هذه الربكة أنه لابد وأن يتوضأ عند كل صلاة أو يجدد الوضوء، ويظل يخرّس الدنيا مياهه، ويسأل عن القبلة أكثر من واحد، ولو الود ودّه، كان أقام الصلاة جماعة، وصلى الظهر والعصر جهراً لا سراً!
يا أخي.. أنا بصراحة أحنّ على مدرس التاريخ في عصر «الدجيتال»، ومتطلبات سوق العمل، ولمّا يطلب منه أن يراجع بشأن أي معاملة الـ «HR»، وهو بذاك الشنب الخفيف، والجاكيت الواسع، والذي أخذ في الاتساع عاماً بعد عام، وحده القميص الأزرق الفاتح ظل مخلصاً للونه، لأنه في الخانة البعيدة من الزرقة، لكنه لو استخدمه لعام إضافي آخر، فربما تحول إلى لون رصاصي منهك، مدرس التاريخ وحده الذي يمكن أن تراه وهو يحمل معه قلمين في الجيب العلوي، ولا يتخلى عنهما، ولا أدري من أقنعه أنه يمكن أن يصحح كثيراً من أخطاء التاريخ المتكررة!