ـ في ناس يمتهنون مهنة، ولا يحاولون تثقيف أنفسهم، على الأقل فيما يخص شؤون مهنتهم، من هذه المهن التي يفترض أنها تطورت لأنها من المهن القديمة في التاريخ، وممتهنوها يفترض بهم الحال أنهم راكموا خبرات الأولين والآخرين، لذا لأشد ما يستخف بالشحاذ غير الماهر، والذي لا يحترم مهنته، بتقديمه معلومات خاطئة، ومفردات جاهلة في سعيه لكسب القلوب الرحيمة التي أحياناً لا تفوّت الأخطاء، وخاصة العلمية، تلقى الشحاذ من هؤلاء كل يوم يقصب أحداً من أفراد عائلته الآمنين، لكنه ينسى مع الوقت، فيخرج أمواتاً من قبورهم أو يميت شخصاً من أهله مرتين، وفي حادثين منفصلين أو يقوم زاعماً أن عضواً من أعضاء جسد خالته أو عمته أو الوالدة معطل، وعجز الأطباء فيه، فيبدأ بالقلب أولاً، وندرك أن القلب كثير التحمل، لكنه أول ما يتعب، ثم ينتقل مباشرة في اليوم التالي من القلب إلى الطحال، وهذه تراتبية غير علمية ولا دقيقة، فالطحال يقاوم ويؤدي وظائفه بكل لياقة، وهو من آخر الأعضاء عطباً في الجسد الإنساني، وتلفاً، والشحاذ مستعجل، يريد أن يخلص بسرعة، ولو على حساب الحقيقة العلمية!
ـ ما في مثل الإنجليزي والهندي، يظلان يستعملان الحاجة، وكأنها من الميراث، ولو انتهت صيحتها أو ذهب زمنها، واستجد الذي أحسن منها، لكن الإنجليزي والهندي لديهما ذلك الولاء والوفاء للشيء القديم، بل وتجدهما يدافعان عنه باستماتة منقطعة النظير، هما اليوم الوحيدان في العالم برمته اللذان ظلا مخلصين لتلك المروحة أو «البنكّه»، والنوم تحتها، ويطربان لذلك الهواء الساخن الرطب الذي تجلبه بدورانها المتكاسل، حتى إن  الواحد منهم «ما يواحي له يجلس تحتها، ويسمع صرير أجنحتها التي لم تكف عن الدوران حتى يورم رأسه، جالبة له النعاس وكسل في العظام، لكنه يحبها، ولا يفرّط بها، وتلقاه يشالي بها إذا ما تحَوّل من بيت إلى بيت، وكأنها ميراث استعماري».
ـ سمعنا خبراً، كنا نراهن عليه منذ سنتين، أنه سيمنع «البرقع» نهائياً في الإمارات، وأن لا رجعة للوراء، وعلينا النظر للمستقبل بوجوه سافرة، «وخلي اللي يريد يتكلم علينا يتكلم، خلاص بنعقّ «براقعنا» التي ابتلينا بها منذ سنتين، نريد وجوهنا تبرّق، بعد ما كانت ذاوية تحت براقع «المحافظة»، وأيدينا بررت من محاليل النظافة، وإصبوعنا يبست، وصارت مثل الحبول»، فهل نقول: وداعاً للكمامات، أهلاً بالحياة؟