- لِمَ العالم اليوم أصبح أكثر حساسية، وأقل شفافية، بسبب أقل الأشياء يمكن أن تشعل الفتيل بين الدول، وأعظم الأشياء المسكوت عنها، يمكن أن تكون مختبئة تحت الرماد حتى يأتي من يوقظها، غلام مغتر، زعيم جاهل، امرأة بين الحقد والغرور أو واحد من أصحاب رايات الفتن؟
- لِمَ غاب الرقي من العالم، رغم تحضر مدنه، وتطور الإنسان فيه، والبعد عن الغاب بسنوات كونية، ورغم ذلك كله، أصبحت الشوارع ولغتها تحكم، وتفرض حضورها في المشهد السياسي والثقافي وفي المحافل العالمية والقواميس اللغوية، لقد عاد إنسان العصر إلى الغاب، لكنه كسا عُريه الجسدي فقط؟
- لِمَ العالم بعدما أصبح قرية صغيرة، وأصبح أكثر من هاتف في كل يد، زاد البعد بين الناس، وقل التواصل الاجتماعي بينهم، واكتفوا بالتراسل والتواصل عن بُعد، فأصبح البعيد قريباً، والقريب بعيداً؟
- لِمَ حضرت موجة «الدين» و«التدين» بقوة خلال السنوات المنصرمة في المجتمعات، وكثرت معها مشكلاتها، واحتدت خلافاتها، وكثر أعداؤها، وأصبحت كالقوس مشدودة، أي ناعق يمكن أن يتسبب في إسالة دماء مقدسة، ويمكن لوجوه مضللة أن تتسيد في هذا الحضور، وإلا مقصلة التكفير منصوبة؟
- هل يمكن أن تحيا نظرية المؤامرة في العالم من جديد، بعد هذا التعارك، ولا مستفيد ظاهر، وهذا التصادم، ولا مصلحة لأحد بائن، وهذا التوتر، والإرهاب، وتداعيات الأوبئة، وانتشار الفزع العالمي، ولا وجه لشيطان باسم أو حكيم حليم يستغفر آناء الليل وأطراف النهار؟
- لِمَ كثرت في المجتمعات العربية في هذا العصر «الكلاب المسعورة»، والتي تنبح بالإنابة لنبرة الجهل، وتنبح بالوكالة لنبرة نكران الجميل، وتنبح مستأجرة لنبرة «التعالي على الفاضي»، ونبرة التنابز بالألقاب، لقد غابت الحقائق، وعميت القلوب والأبصار عن كلمة شكراً، ومعنى التحضر؟
- لِمَ قَلّ الحكماء، وخفّ المتبصرون، وأولو الألباب عند بعض الشعوب، ورغم ذلك يريدون أن يزاحموا الآخرين، ويريدون أن يتسيدوا الأمكنة، ويريدون القوة، ويدعون المعرفة، لكنهم لا يعترفون بحقيقة واحدة، هي غياب الحكمة، وقلة الحيلة، وأن السيادة لا تأتي بالأمنيات؟
- لِمَ لا يريد الكثير من الناس النجاح للآخر، ولا يتمنونه له، ويفرحون بفشله، ويشيعونه؟ هل لأنهم عاجزون عن النجاح، متكاسلون في طلب العلاء، أم أن نجاح الآخرين هو تحطيم لآمالهم الكاذبة، وأوهامهم الكبيرة، هذه حالة الكثير من الأفراد، والقليل من الأوطان؟
- لِمَ كثر في العالم التقاتل على توافه الأمور، وقلّ القتال من أجل قيم إنسانية سامية، ونبيلة فيه، يمكن للناس أن يتقاتلوا من أجل كذبة أو بسبب كذبة، ولا يقاتلون من أجل إحياء الصدق وإظهار الحقيقة، وإعلاء للعدل، ومنع الظلم، فعلاً.. كثيرون من الناس لا يعرفون أين يقف الشيطان؟ ولا متى تمر السحب محفوفة بأجنحة الملائكة؟