هذه هي عوامل التعرية الطبيعية، إذ تسقط الحجار من علو، عند سطح المحيط، فتغوص الأحجار، وتتلاشى، وتنتهي إلى لا شيء، ويبقى المحيط أبدياً، لا تزعجه البلبلة.
هكذا تواجه الإمارات عبثية العدميين، وهكذا تصمد في وجه الرجرجة، كأنها زوابع في فنجان، لأن الأسوياء لا تضيرهم صرخات المرضى، وزبد هياجهم، وعبوسهم، وبؤسهم، ورجسهم.
هكذا تقف الإمارات في وجه حمالي عقد النقص، ومركبات الدونية، بشموخ النبلاء، ورسوخ النجباء، وطموحات لا تحدها حدود في إثبات الحق، وترسيخ الحقيقة، ومهما امتدت مخالب الغدر، والعشوائية، تبقى الإمارات براية بيضاء من غير سوء، وسارية تعلو كل الأمواج وتتجاوز حدود العواتي، لأنها بلد تأسست على البناء، والتعمير، وفرحة الإنجازات المدهشة، لأنها تثبتت أركانها على أرضية صلبة، ولا تهزها رياح الكارهين، ولا تجزعها صرخات الكائنات المريضة.
هكذا هي الإمارات، في البدء قالت كلمتها نحن مع الشرعية، وسوف نناضل من أجل تكريس القانون، ومهما هدرت الأبواق، وزاغت الأحداق، ستبقى الإمارات واثقة الخطى، ثابتة المبادئ، تسير في درب المشقات من أجل حرية الإنسان، ومن أجل سلامة الأوطان، ومن أجل منطقة خالية من عبادة الأوثان، ومن أجل سياسة لا يعكر صفوها تناسل الخذلان.
هكذا هي الإمارات، عاهدت العالم بأن تكون السدة، والسؤدد، وأن تكون المد والمدد، وأن تكون للخير رسالة للأبد، وأن تكون في السماء نجمة لا تطفئ البريق، وفي الأرض راية لا ينكسر لها البوح الأنيق.
هكذا هي الإمارات، في عيون العالم، وضميره، رحلة أمدية معراجها الأمان، وسراجها الاطمئنان، ومهما بلغت شعوذة البلهاء، ومهما راجت سياسة الشعثاء، فإن الحقيقة دامغة، لا تغطي شمسها أدخنة قلوب أحرقتها الأحقاد.
هكذا هي الإمارات، عامرة بقيادتها، غامرة بحب أهلها تحقق فوزها بحب الآخرين، بامتياز لا يشوبه نقص، ولا نقيصة، هكذا هي الإمارات، تمضي في الرحلة الطويلة، والركاب شادية باسم الحب، والجياد خفاقة بأعلام الفرح.
هكذا هي الإمارات، في المسعى، رحابة، وفي الرؤية نجابة، وفي كل الأحوال هي بلد لا تثنيه عن الوصول إلى الأهداف السامية، نعيق، ولا نهيق، ولا نقيق، لأنها تجاوز كل تلك الأسطوانات المشروخة، بقوة إيمانها، وصلابة عزيمتها، وإصرارها على إعادة الحق إلى أصحابه مهما بلغت التضحيات، لأن الحقوق تحتاج إلى دماء تطهرها من براثن الغي، والبغي، والطغيان.
حفظ الله الإمارات، وحفظ قيادتها، وشعبها.