علمتنا كرة القدم أنها لعبة ديناميكية، متغيّرة، ومتحوّلة، وأنها في سنوات البدايات كانت تحكمها نظريات أو حسابات التاريخ والريادة، ولكنها لم تعد كذلك بنسبة مائة في المائة، إلا أنها مازالت تحتفظ بمعايير تفوق ترتبط بتطورها وبدرجة صعوبتها، وبكيفية التعامل مع المهارات الأساسية الجماعية الجديدة..
أعنى أن فوز البرازيل بخمسة ألقاب لكأس العالم لا يعني فوزها باللقب السادس في كل بطولة تالية تشارك بها، وأعرف أن أبطال البطولات الكبرى، سواء كأس العالم أو كأس أوروبا، أو كؤوس القارات، هم غالباً المنتخبات الكبيرة. وعلى الرغم من تقديري للأرقام، فإنها تظل الآن مجرد «خلفية» صورة مكملة للوجوه، والأماكن، والمناظر.
في خلفية صورة مباراة مصر وكوت ديفوار انتصار الفراعنة على الأفيال في آخر 3 مباريات رسمية، فكيف يمكن أن يعتمد نقاد وخبراء على ذلك لترجيح كفة منتخب مصر، مصحوباً بجملة: «كعب الفراعنة على الأفيال عال». وماذا عن العرض القوي الذي قدمه منتخب كوت ديفوار أمام الجزائر. ألا يوجد تقدير موقف سليم بناء على هذا العرض؟
وأتذكر هنا أن مباراة مصر ونيجيريا في دور المجموعات وصفت بأنها ثأرية لمباراة جرت بين الفريقين عام 1963. وفازت بها مصر 3/6. وكانت أفريقيا في ذاك الوقت طفلاً يحبو وراء الكرة؟!
وإذا كان منتخب السنغال تأهل إلى دور الستة عشر في كأس الأمم الأفريقية بركلة جزاء، وبهدف وحيد وتعادل سلبياً في مباراتين.. فهل يعني ذلك أنه سيكون صيداً سهلاً في الدور الأخير لتصفيات كأس العالم أمام منتخب مصر؟ ألا يوجد حساب لنجوم أسود التيرانجا، ساديو مانيه أحد هدافي ليفربول، وإدريسا جاي لاعب باريس سان جيرمان وميندي لاعب ليستر سيتي وخاليدو كوليبالي، مدافع فريق نابولي الإيطالي؟
وما رأيكم في الحفلة التي أقيمت لمنتخب نيجيريا لأنه حصد العلامة الكاملة في دور المجموعات، ثم أقيمت عليه حفلة أخرى بعد هزيمته أمام تونس، وكان مضمونها «أنها لعنة العلامة الكاملة»؟!
التاريخ له تأثير والريادة أيضاً. لكن كيف يتطور التاريخ ويصنع حاضراً قوياً؟ كيف يتم البناء على الريادة. إن أهم النماذج في تاريخ كرة القدم هو نموذج ألمانيا، التي تعثرت في مراحل، لكنها تنهض سريعاً ولا تتوارى ولا تنكسر لهزيمة، فظلت قوة عظمى في خريطة كرة القدم.
** الأرقام والإحصائيات لها دلالات بالطبع، لكنها لا ترجح كفة فريق على فريق. ففي كرة القدم درس حساب مهم جداً وهو أن حاصل جمع 1+1 لا يساوي 2 بالضرورة !