تتدثر السماء بالسحب، يخفت ضوء النهار أو يتحول إلى مساء جميل، تهب رياح خفيفة تهز أغصان الأشجار المبتهجة بزخات المطر الخفيف، ينساب الماء على زجاج المقهى مثل دموع الفرح ويزدان المكان بالمشهد الجميل، أشجار خضراء وزهور ملونة وقطرات المطر حبات لؤلؤ. 
يمر طريق للسيارات بمحاذاة المقهى تختال بخفة ورشاقة، تشعر أن المارة في لحظة فرح وإن تسارعت خطوات البعض، اللحظة مبهجة وفرحة بأن يأتي المطر بعد غياب طويل، تود أن تخرج إلى عارضة الدروب وتنشد للمطر وتحيي السحب التي تنهمر، كم هي مفرحة هذه الأجواء البديعة، وكم أنت سعيد وتكاد تطير من الفرح بهذه المشاهد الجميلة، اهتزاز الأغصان الخضراء في خارج المقهى ولمعان قطرات المطر على الأزهار والورود، وابتهاج الناس بأن الشتاء هو الفرح، هو الجمال والمطر. 
وحدي في المقهى وصفوف من الكراسي والطاولات خالية لم تشغل حتى الآن، فالصباح للتو يهل بنوره، وربما الغيم وخفوت ضوء الشمس، رواد المقاهي لا يستعجلون الخروج إليها، في انتظار أن يبطئ المطر هطوله، وحدي أنعم بهذا الجمال، وحدي أعشق المطر وأن أسير في عارضة الدروب ولا أبالي بالبلل.. المطر معشوق جميل وسارق لب الفؤاد، غاب كثيراً وحضر الآن مثل غريب يستعجل الرحيل، إنها لحظات صغيرة وفرصة قصيرة بأن تعانق قطرات المطر. 
في المقهى أختار طاولة لصيقة بالزجاج، هذا اللوح الزجاجي فقط يفصلني عن الشارع والأشجار والمطر، لا أبالي بالوقت وأظل أعاين وأراقب حبات اللؤلؤ، قطرات المطر، تأتي موسيقى جميلة وعذبة للمبدعة والرائعة فيروز لتزيد روعة المكان، وتضفي روحاً عاشقة للمطر والغيم والشتاء. 
«رجعت الشتوية، ظل افتكر فيّ» لا شيء يعادل جمال وروعة الشتاء إذا جاء مصحوباً بالسحب والغيم والمطر، وبرد خفيف يجعلك تطلب دفء الأجساد والنار، وموقداً يشعل مساءك ويلهب نهارك بالحب والجمال والفرح..
هذا الصباح يستحق أن تغني له فيروز كل أغاني الحب، كل أغاني الذكريات الجميلة للشتاء والطريق والمطر، جمال صوتها الذي لن يتكرر في غناء العرب، ولن يصل إلى عذوبة ذلك الصوت الملائكي غير أصوات المطر وموسيقى أغصان الشجر عندما تغازل الريح وتنشر عطر الزهر، وترسم لوحة بديعة للمكان بتناغم الغيم والريح والمطر واخضرار الحقول وابتسامات الزهور والورد..
وحدي في المقهى سعيداً جداً بتوحدي مع المطر، مع الريح والغيم واخضرار الأغصان وألوان الورد والأزهار البديعة خارج المقهى، لا أشعر بالوحدة وأنا في حضرة المطر، وهذه اللوحة البديعة/ الجميلة والرائعة، إن استمر المطر في الهطول وقطراته تنقر لوح الزجاج فأنا باقٍ في المكان، إنها لحظات لا تأتي كل يوم، وشتاء هو الأجمل والأروع، تزهو سماء الإمارات وتضيء الأمكنة مثل هذا البلد الجميل الذي أعشقه، الإمارات بديعة وجميلة والمطر يزيدها جمالاً وروعة..
فيروز «بكير طل الحب ع حي لنا» حامل معه عطور ومطر وأغاني الشتاء ما أروعه.