كانت زيارتي لها ليلاً، ولكنها برزت في الضوء الملون بالزهو، كأنها الزمن الفضي يستعيد لغة الجمال، في مدينة اعتادت لبس فساتين الفتنة، واستمرأت الحلم في منازل النعيم، كنت بين الممشى والممشى الآخر، أمر منها لأعبر هناك، وكان المشهد المبهر يغدق الزوار بهجة، وفرحاً، كنت أشعر وكأني أهبط من سطح نجمة، لأضع خاطري على مهد حضارة بشرية محدثة لم أر مثلها من قبل، لأن المنظر يخطفك، والأشكال الهندسية، تسلبك لبك، والبساط الأخضر، المنمق بعشب أشبه بسجادة من حرير، ووجوه تنصع بابتسامات أخاذة، ورائحة الثمار، الغريبة، والأزهار تفترش عطرها، مرحبة بالزائرين، وكنت وكأني أفتش عن ذاتي، في مجمل الخضم الرحب من الرجال والنساء من كل حدب وصوب أتوا ليعيشوا هذه الأيام الشتوية الفسيحة، وهي تغدق الكون الإماراتي بروعة الجمال هنا في القناة، تسكن الأشياء، وتمضي في نثر فوانيسها المدهشة، على الوجوه، وكأنها الفنان الذي يلون لوحاته بأجمل الألوان.
عندما تطل من خلال السور المعدني لترى البحر، يداهمك هذا الأغر، بمسحة من ملاءة خضراء تعكس الأضواء النافذة من مصابيح مطوية تحت أجنحة القوالب الأسمنتية، فلا تعلم من أين ينبثق الضوء، ومن أين تتسرب الألوان، وكيف تنصع، وتسطع، وتطلع أمام العيون كأنها الأجنحة المطلية بأحلى الألوان، كأنها العيون الشاسعة، تلمحك ببريق رباني مهيب، وأنت السائل لمحات، وقسمات، وبصمات، أنت المنغمس في التفاصيل، تدهشك هذه الخيوط الرفيعة في منجز هو الأروع على هذه الأرض الرائعة، هو الأبدع في مكان أصبح يزخر في الإبداع، في مختلف أجزائه، وكلياته.
القناة منتجع، جديد يضاف إلى حزمة من أعطاف بليغة، تبهر الرائي وتدهش السامع، وهو يصغي إلى هسهسات الطير وهو يحلق في الفضاء ظاناً بأن الشمس لم تغرب عن هذا المكان، متيقناً بأن الصباح هنا لا يغادر القناة، لأن الشمس تأبى أن تترك مكانها لغير شعاعها الوضاء، وقد اكتملت الصورة الجمالية، لمنطقة حلمنا لزمن بأن يتم استغلال بديع الطبيعة، ليصبح الإنسان اليد الأخرى التي تكمل الصورة الجمالية لبلد حباه الله بمآثر خلابة تستحق الاعتناء بها، والحفاظ على مدخراتها.
شكراً للعقول التي فكرت، شكراً للأيدي التي بنت، شكراً لعشاق الجمال.