السينما في الخليج العربي ودولة الإمارات بين مد وجزر، بين اندفاع وحضور جماهيري كبير وهجرة وغياب ملحوظ، وخلال السنوات الطويلة التي مرّت على ظهور السينما في هذه المنطقة، كانت البدايات قويّة ومثيرة لمجتمع يتطلّع إلى الجديد وما يقدمه من أعمال تستحق المشاهدة والحضور، البداية جميلة وغنية بالأعمال الجادة أوجدت مشاهداً لها ومتابعاً من فئات المجتمع كافة والناس على مختلف جنسياتهم، كانت الأفلام الأجنبية والهندية ثم العربية، وكل هذه الأعمال الفنية كان لها جمهور عريض، وعلى إثر ذلك ظهرت قاعات السينما في مدن عدة في الإمارات لها متابعون، عشاق السينما لا يهمهم مصدر الفيلم السينمائي، سواء كان أجنبياً أو هندياً أو حتى عربياً، الفن السينمائي عشق عند البعض فلا يقدم هذا عن ذاك، إلا الصنعة والاحترافية والفن تاريخ السينما وأعمالها الرائدة وما تحصده من جوائز فنية وإبداعية، وهذا ما صنعته السينما الأجنبية، ثم لحقت بهذا الاشتغال القوي المحترف السينما الهندية وحضورها المتجدد والمتطور المعتمد على الاحترافية في الفن والإخراج والنصوص الجيدة.
هذه الطفرة السينمائية والبداية التي ظهرت في الخليج والإمارات، أصابها شيء من تراجع الجماهير عن حضور العروض السينمائية، ولعلّ تأثير التلفاز والانشغالات الجديدة بوسائل التواصل الاجتماعي، وما توفره من إمكانية المشاهدة والمتابعة عبر هذه الأجهزة أو حتى السينما المحلية التي ظهرت فترة قصيرة، وهي السينما المنزلية من عروض خاصة لبعض الأفلام التي يمكن عرضها في تلك الدور السينمائية المصغرة.
تحولات كثيرة مرّت على طريق السينما وكلها في حالة الصعود والهبوط، حتى التجارب التي ظهرت وعملت على العودة بالسينما إلى الظهور والعمل من جديد بقوّة، عبر المهرجانات السينمائية في الإمارات وحضور رواد الفن السينمائي، إلا أنها لم تصل إلى المستوى المرجو أو لعلّ التراكم يحتاج إلى زمن أطول، كان المعوق الأول لخروج فن سينمائي قوي، هو الدعم المالي والقدرة على الإنتاج والعمل بأسلوب احترافي وفني رائد، غاب الدعم، فضعف الإنتاج والمحصول أو أن الجدية لم تولد بقوة.
كل هذا تبدد واختفى، عندما حضر الجادون والصادقون في العمل، وقدموا الجدي والمفيد من فن وثقافة وأدب له الحضور القوي والوجود الذي يثمر.
هذا ما صنعته وزارة الدفاع والقوات المسلحة عبر تبني فيلم «الكمين»، العمل الجاد والقوي من القصة الحقيقية إلى الاشتغال الفني الممتاز عبر الإخراج الاحترافي وتأدية الممثلين بروح المحب للقصة والسيناريو والتفاعل مع الأحداث، وزارة لديها أعمال مهمة في خدمة الوطن، ولكن أيضاً يدها وقلبها مع حماية وتطور الوطن والإنسان، ليس جديداً عليهم ذلك، لقد قدموا مجلة ثقافية واجتماعية كتب فيها الكثير من الكتاب الجيدين في الإمارات عبر الأبواب الثقافية والاجتماعية، وأعني مجلة «درع الوطن».
كان القسم المعني بالشأن الثقافي والفني يشتغل بمستويات عالية ومسؤولية لتقديم المفيد، والآن يقدم فيلم «الكمين»، والذي نال سمعة كبيرة وحماسة أكبر عند الناس لارتياد دور عروض السينما، فالعمل الجاد والجيد هو الذي يصنع السينما، ويعود بالجمهور إلى الصالات. «الكمين» فيلم مثير للعاطفة الوطنية ومبشر بأن الجمهور يكون عند الوعد والحضور عندما يكون الاشتغال صحيحاً ومفيداً