أكتب من أروقة جامعة تل أبيب، حيث ترعى «صحيفة الاتحاد» أول لقاء بين مراكز بحثية تستند إلى الفكر كأساس للسلام، عبر ندوة نظّمها «مركز تريندز للبحوث والاستشارات»، بالتعاون مع «مركز موشي ديان للدراسات»، تحت عنوان «الاتفاق الإبراهيمي.. فرص تعزيز التعاون والتسامح والتنمية في المنطقة».
تنطلق «الاتحاد» في رعايتها للحدث، من «رؤية إماراتية» تستثمر في ثقافة التسامح والأخوة الإنسانية، وتبذل الجهود لنقل العالم من الصراعات إلى التعايش، وتتشبث بالسلام لا الحرب، وتذكّر دائماً بأهمية التطلع للمستقبل المليء بالإيجابية.
ولعل هذه الرؤية هي الأساس في أننا حينما نتحدث عن «ثقافة السلام» فإننا لا ننطلق من قبيل الدعاية السياسية، بل من مبدأ ضروري يؤصل في أبجدياته لمسؤولية أكبر تجاه الإنسان، ويفرض لعب دور مهم في الخروج بخطاب مهني يبحث عن القيم المشتركة ويركز على القضايا الإنسانية ويبتعد عن إثارة الكراهية، وهو الأمر الذي عملنا وما نزال نعمل من أجله.
نحن هنا كقوة إبداعية، تؤصل لصحافة السلام، التي تسرد تجارب التواصل والتعايش والحوار الإنساني، وتقف ضد الترويج للكراهية بين الأديان، وتتصدى للتطرف وأيديولوجياته التي تؤدي إلى الإرهاب ودوامات العنف.
نحن هنا كإعلام سلام، مهمّته إعادة الاعتبار للثقافة باعتبارها مكوناً أساسياً وجوهرياً للاعتدال والعقلانية، ذلك أن الوسطية ما هي إلا نتاج لـ «عملية ثقافية» مؤهلة للتأثير في الوعي الاجتماعي.
نحن هنا لنؤكد السّير في معركتنا الكبرى لصالح الوعي، والوقوف ضد أي انحراف لصناعة المحتوى عن المسار الأخلاقي والقيم الإنسانية الأساسية، ومن ثم محاصرة نوازع التطرف والمساهمة في إفلاسها فكرياً.
بقي أن نوجّه الدعوة للتوسع في تأسيس شراكات إعلامية يكون لها دورها الفاعل في تطوير رسائل حضارية وإنسانية تخدم البشرية وترسخ الاعتدال وتطوي صفحات التاريخ الباهتة، وترعى «الاتفاق الإبراهيمي»، كأساس نبني عليه لمستقبل أفضل وفضاءات أرحب.