خطوة طيبة لدائرة البلديات والنقل في أبوظبي وهي تدعو جميع العاملين في القطاع العقاري إلى عدم تسويق خدماتهم العقارية عبر الاتصال الهاتفي العشوائي، واقتصار التسويق عبر الموقع الإلكتروني ومواقع التواصل الاجتماعي، وتوعدت المخالفين باتخاذ الإجراءات القانونية بحقهم، داعية الجمهور إلى التبليغ عن المخالفين من خلال الرقم المجاني الذي حددته الدائرة.
خطوة طيبة، وإن كانت متأخرة، وكان يفترض بدائرة التنمية الاقتصادية المبادرة والمشاركة فيها، فالاتصالات التسويقية العشوائية تولد انطباعات خاطئة وأخرى يساء فهمها عن اقتصادنا الوطني وأحوال السوق العقارية تحديداً. وقد جاءت بعد أن ضجت الناس من تلك الاتصالات التي ترد صباحاً ومساء ومن دون احترام خصوصية الفرد مهما حاول المتصل أن يكون مهذباً وهو يسأل إذا كان الوقت مناسباً لتقديم عروضه والمشاريع العقارية المطروحة من جانب المطور الذي يمثله.
الإزعاج لم يعد قاصراً على الشركات العقارية بل يشمل جهات عدة في مقدمتها البنوك وشركات الاتصالات ووكالات السيارات، بل إن التسويق الهاتفي العشوائي قد امتد للمراكز الطبية التي تحقق للباحثين عن الرشاقة والتخلص من الكرش أحلامهم، وكذلك للراغبين في الحصول على ابتسامة هوليوود وغيرها من العمليات التجميلية وحتى الطبية الأخرى، وهي ظواهر تسويقية ظهرت وأصبحت مزعجة للغاية منذ أن سمحنا لهذه الشركات والمؤسسات بالاتجار ببياناتنا وتبادلها مع نظيراتها العاملة في مختلف القطاعات والميادين.
وأسوأ المزعجين أولئك الذين يزينون مصيدة البطاقات الائتمانية والتسهيلات التي ستغمر المستفيد منها، بينما هي في حقيقة الأمر مجرد طُعم للوقوع في فخ وهاوية بلا قرار ودوامة يستمر ضحاياها في معاناة طويلة الأمد. إذ لا يهتم أولئك المروجون سوى بتحقيق السقف المحدد لهم من جلب العملاء وقبض عمولاتهم، وهم يقودون شباباً لا يعرفون قواعد الاستهلاك الرشيد، يقودونهم إلى الورطة الكبرى التي تُلقي بهم في كثير من الأحيان خلف القضبان.
نتمنى أن تكون خطوة «البلديات والنقل» مقدمة لخطوات تشمل كل تلك الجهات المروجة وليس فقط مسوقي العروض والخدمات العقارية، فالأمر تجاوز كل الحدود المعقولة ويتطلب وقفة حازمة مع المخالفين والمتجاوزين. فهذه الأساليب الترويجية لم تعد مواكبة للتسويق العصري الذي يتحرك وفق رؤى مبتكرة تواكب احتياجات السوق والمستهلك، بعيداً عن أساليب غير ذات جدوى، وتتسبب في إيصال المستفيد المفترض إلى درجة العجز عن السداد، ليجد نفسه يدفع ثمن غلطة باهظة التكاليف ارتكبها من دون إدراك تداعياتها عليه وعلى أسرته.