بالقطع كان للاتحاد الإماراتي لكرة القدم مبرراته الفنية والرياضية، وهو يقرر الإبقاء على الهولندي مارفيك رباناً فنياً لـ «الأبيض»، برغم تواضع المحصول الرقمي الذي أتت به المباريات الأربع الأولى عن تصفيات كأس العالم، والتي لا تشيع بيننا أملاً كبيراً في رؤية «الأبيض» يتخطى متاريس التصفيات ليصل إلى المونديال.
ولأن اتحاد الكرة هو المفوض بسلطة الوصاية، لاتخاذ القرار النهائي بشأن مستقبل العارضة الفنية للمنتخب الإماراتي، وقد أجمعنا على أن ما قدمه «الأبيض» في المباريات الأربع أمام لبنان، سوريا، إيران والعراق، وما استحق عليه غير ثلاث نقاط من أصل 12 نقطة ممكنة، فإننا سنقبل بهذا القرار من دون أن يحول ذلك بيننا وبين طرح سؤال الإكراه الفني والاستراتيجي الذي استوجب الإبقاء على مارفيك، برغم اقتناعنا جميعاً من أن الجلباب التكتيكي الذي ألبس لـ «الأبيض» فضاض ولا يليق بمقاسه.
استمع اتحاد الكرة لدفوعات مارفيك الفنية وهو يبرر حالة الاختناق التي يشكو منها «الأبيض»، وأنصت لصوت العقل القادم من كهوف الحكمة والذي يقول إن «الأبيض» تنتظره مباراتان شهر نوفمبر القادم، وبعدها سيحصل على مساحة زمنية كافية للشروع في استكمال جولات الإياب، ومع وجود كم هائل من المجازفة في تغيير الربان الفني على بُعد ثلاثة أسابيع من مباراتين قويتين أمام كوريا الجنوبية ولبنان، فقد قضت القراءة المتأنية والمتحللة من شحنات الغضب والانفعال، بأن أفضل خيار للمرحلة هو الحفاظ على الاستقرار الفني الذي يجلب الهدوء النفسي، لعل ذلك يحفز مارفيك على استنفار متخيله التكتيكي لإبداع مخارج سريعة تخلص «الأبيض» من الوجع الذي يشتكي منه منذ مباراة لبنان لغاية مباراة العراق.
لا أعتقد أن اتحاد الكرة بما صنع، قد استبق أو حتى حدس متغيرات كبرى يمكن أن تحدث في منظومة اشتغال مارفيك، بعد أن صور له المدرب الهولندي في تقريره الفني الولادات العسيرة لمنظومته التكتيكية، وبعد أن تفاءل بمرحلة مقبلة سيحصل خلالها التعافي الكامل لعناصر تمثل النواة الصلبة للفريق، لكنني موقن أن اتحاد الكرة وجد نفسه بين مطرقة التغيير الذي لا تؤمن عواقبه في هذه الظرفية تحديداً، وبين سندان القرب الزمني بين مباراتي إيران والعراق ومباراتي كوريا الجنوبية ولبنان فانتهى لقرار يرى أنه الأنسب للمرحلة. لا أهلية ولا قيمة لأي إدارة اتحاد كرة، إذا لم تكن لها القدرة على صناعة القرارات المؤلمة والصعبة، والتي قد تناقض أحياناً توجهات الجماهير التي تتكلم بقلبها وترسل غضبها ورفضها في أكياس رمل تهز المشهد هزاً، لذلك سنعتبر أن قرار الإبقاء على مارفيك هو إقالة موقوفة التنفيذ، في انتظار حكم براءة يصدر بحقه في اللقاءين القادمين، أو أمر بالنفاذ المعجل لحكم الانفصال.