هل ندرك قيمة فوز «الأبيض» اليوم على المنتخب الإيراني في ثالثة جولات الدور التصفوي المؤهل لكأس العالم لعام 2022؟ اختاروا أي زاوية تريدون لتقدير الحجم الرياضي والذهني للفوز الذي يعقب تعادلين أضاعا على «الأبيض» أربع نقاط ما أغلاها، فما أنا موقن منه أنه حتى لو اختلفت الزوايا فإننا سنتفق على أن الفوز في هذه المباراة تحديداً، في هذه الانعطافة الحاسمة من مسار التصفيات، سيحمل «الأبيض» إلى منصة عالية يستطيع من خلالها أن يتدبر بشكل أفضل ما تبقى في ممشاه التاريخي والعسير، مباريات خمس تلمع كالذهب.
لو فاز «الأبيض» اليوم على إيران، فإنه سيتفوق بالطبع على منتخب أنجز الدخول الذي يحلم به أي فريق في بطولة مجمعة، فقد خرج من مباراتيه الأوليين أمام سوريا والعراق بالعلامة الكاملة، بل إنه فعل ذلك مقترناً بإنجاز رقمي غاية في الأهمية، فقد سجل في مباراتيه أربعة أهداف وحافظ على عذرية الشباك.
ولو فاز «الأبيض» في مباراة اليوم تحديداً، فإنه سيرسل لكل منتخبات المجموعة إشارة دالة على أنه ما دخل هذه التصفيات إلا بحثا عن مركز أول أو ثان يضمن له التأهل المباشر للمونديال، ولهذا الفوز بالذات سحر لا يقاوم ورجع كبير لصدى الفرح الجماعي المصادر، فالأبيض يحتاج بالفعل إلى ما يحرر ما بداخله من الشحنات الذهنية والعاطفية.
وأظنكم مثلي تسألون، كيف سيأتي هذا الفوز على منتخب إيران؟ وهل يملك «الأبيض» ما به يتفوق نتيجة وأداء على المنتخب الإيراني؟ وهل تركت لنا مباراتا لبنان وسوريا بصيصاً من الأمل في قدرة «الأبيض» على صناعة التفوق الذي سيمثل له انعطافة قوية في مسار التصفيات؟
لنتفق على أن المباراة ستكون كاسرة للعظام، وأن الظفر بنقاطها الثلاث يحتاج من نجوم «الأبيض» إلى تدبير ذكي لفصولها، ويحتاج من المدرب مارفيك إلى مهارة عالية لإبداع منظومة تكتيكية تستطيع بثوابتها ومتغيراتها، بارتدادها الدفاعي وبجمعها الهجومي، وعلى الخصوص بسرعة ودقة التحول من العمل الدفاعي للعمل الهجومي، أن تروض منتخباً إيرانياً يأتي للإمارات وهو في قمة ثقته بمقدراته الجماعية عطفاً على ما حققه في مباراتيه الأوليين.
وما أنا متأكد منه أن المباراة ستأتي كالمحارة المغلقة، من حواشيها يطل ضوء نيزكي، إن استطاع أي منتخب القبض عليه، مشى سريعاً نحو نهاية النفق وفجر ينبوع الفرح، أي أن مدربي المنتخبين سيوظفان لاعبيهما لتمثل مبارزة شطرنجية تكون فيها للمواقع الاستراتيجية أهمية بالغة، أي أن كل مدرب نجح لاعبوه في التركيز ذهنياً وفنياً وتكتيكياً على ما يجري على رقعة الشطرنج، إلا وخرج متفوقاً من المواجهة، لذلك سيكون مارفيك مطالباً بتقديم وصفة تكتيكية بها يفوز على إيران وبها يجعل «الأبيض» منجزاً للوعد الجميل.