مثل شجرة رسخت جذورها في الأرض، لتطلع على ما يجري في السماء، ثم ترسل أعطافاً يانعة كي تتواصل مع النجوم، والأقمار، والكواكب، وتمد أهداباً إلى البعد اللامتناهي ثم تتداخل، كما تفعل الموجة وهي تفشي سر حبها للسواحل.
فبكل إمكاناتها، وطموحاتها، وأمنياتها، وآمالها، تهيم الإمارات وجداً، بعالم جديد، باهر في معطياته، عالم يحدوه الأمل بأن يشرق الصباح، وعيون الطير تلمع ببريق البهجة، وأجنحته ترفرف باتجاه غد لون أزهاره وردي، ووجه أطفاله يشع بابتسامة وضاحة، وعيون نسائه صافية مثل البرد، غدٌ فيه الأمكنة واحات، ونجوم، ومروج، غدٌ فيه الزمن لحظات شوق، وتوق، غدٌ فيه الليالي مبهرجة بمصابيح الأحلام الزاهية، باهرة بمعانيها، ومغزى إطلالتها.
غدٌ فيه الحياة مسرح، يرفع للمشاعر الإنسانية قبعة الإجلال، ويمد يداً يبارك ولوج الأوطان جادة الخير.
الإمارات بين العالمين، منطقة مزروعة برؤى بالغة النضوج، مثالية في عطائها، أنموذجية في معطياتها، استثنائية في تعاطيها مع الواقع والوقائع.
الإمارات تثب في الحياة، جواد فوز، وتستمر في سرد الحكاية، والبوح بمضامين إنسانية لم يشهد لها التاريخ وقعاً في النفس، كما يحدث هنا، لأن البنية العقلية مهيأة متأهبة، هيابة، مستتبة، تستقطب عناصر قوتها الذاتية من ذاتها، وتخرج للعالم بروح طيبة، ونفس صافية من رواسب ما قبل اللحظة.
الإمارات تعتني كثيراً بالأنا، فتشذبها وتهذبها، وترتبها، وتخصبها، وتلونها، وتفننها، وتجعلها كائناً أريباً، يرى في الحياة، مآلاً للتفكير، والتبصر، يرى فيها المكان المناسب لكي يعمل الإنسان، ويجتهد، ويبتكر، ويبدع، لا لكي يتحكم في الطبيعة، كما سار بعض علماء الأنثروبولوجيا أمثال الإنجليزي تايلور، ومواطنه فرنسيس بيكون الذي قال «المعرفة قوة».
الإمارات تذهب إلى الحياة كما فعل روسو بقوله: إن الحياة اتحاد ما بين الإنسان وطبيعته الغراء.
الإمارات تستعد للمستقبل بقلب آمن ومطمئن، لأنها آمنت أن الإنسان والطبيعة، صنوان لا يفترقان، الإنسان وطبيعته، جسد واحد، وعلى الإنسان أن يتعامل مع الطبيعة، كما يتعامل الابن مع أمه، وأبيه.
عندما تتحد الإرادات، تصبح الحياة جناح طير ياخذك إلى الأعلى.