سيف الجروان، من الرعيل الذي وضع لبنة، وسدد خطوة، وكان الشريك في إرواء شجرة الاتحاد، كان مفعماً بذاكرة رخية سخية، كان حُبّه لدولة الاتحاد هو ما جعله يسكن مقلة القائد الباني المغفور له الشيخ زايد بن سلطان آل نهيان، طيب الله ثراه، كان الجروان يحمل في وجدانه قيثارة الحلم العربي، وأشجان الإنسان في كل مكان من هذه التضاريس التي عاشت مشاعر الحضور عند ضفاف الوعي بأهمية أن نكون أمة تنظف شرشفها من التبعية، ومن غبار الغبن، والضعف، والهوان، كان يضع نصب عينيه أهمية أن يكون المسؤول في وزارة، أو دائرة، أو أي مؤسسة حكومية، طوع الحاجة الماسة للمواطن، والمقيم على أرض الإمارات، ولهذا السبب استطاع سيف الجروان أن يحصد مكانة شاهقة في نفوس المقربين منه، ومن أصدقاء، وزملاء عمل، تليق به كرجل دولة، تقع على عاتقه مسؤولية الصدق، والتصالح مع النفس، والأخذ بعين الاعتبار، مكانة البلد، ومصيرها، ومستقبلها، ونهضتها، حيث كان المرحوم من الأوائل الذين تبوأوا مراكز متقدمة في الحكومة الاتحادية، وكان البلد في بداية نشوئه، وكان بحاجة ماسة لتضافر الجهود وتلاقي الإرادات، من أجل الحفاظ على المنجز الاتحادي الشامخ، وحماية مكتسباته، والعناية بصرحه، والرعاية لقلعته التي أصبحت في المحيط العربي ذات شأن، ومنعة ورفعة، كان الجروان ضمن الفريق الذي اختاره زايد الخير، رحمه الله، ليكونوا السند، والعضد الذي تتكئ عليه طموحات الوطن، وأمنيات المواطن، وبالفعل، سارت السفينة تمخر عبار البحر الإنساني، وتعبر الأمواج الهائجة، وتمر من خلال مضائق عسيرة، ولكن لأنها كانت بأيد أمينة، وتشق طريقها بتوجيهات قائد مسيرة محنك، وفطن، ويعرف كيف يجعل من آرائه بلسماً لجروح الزمن، استطاع فريق العمل الحكومي ومن بينهم سيف الجروان أن يحققوا ما أراده القائد، وأن ينجزوا من يوجّه به، ويشير إليه، ويأمر به، وينصح، ويفصح عنه.
سيف الجروان وزيراً، وإنساناً، كان وجهاً مشرقاً وابناً باراً، قدم ما لديه، بإخلاص الأنقياء، وبذل ما أمكنه حباً لهذا الوطن خيمة الجميع، والحضن الدافئ لكل من يسكن ترابه، وتلفه سماؤه، سيف الجروان، يرحل ليترك لنا ذاكرة حية، محمّلة بفضائل الأخلاق، ومحسنات القيم الرفيعة، يترجل الرجل، تبقى أحلامه فراشات تلون حياتنا، بالجمال وحسن الخصال.
رحم الله سيف الجروان، وأسكنه فسيح جناته.