تولي قيادتنا الرشيدة التحلي بالأخلاق الحميدة عند بناء الأجيال أهمية قصوى، كونها الأساس الأول والأهم في بناء المواطن الصالح. ومن هنا كانت التوجيهات السامية لصاحب السمو الشيخ محمد بن زايد آل نهيان ولي عهد أبوظبي نائب القائد الأعلى للقوات المسلحة بإدخال مادة التربية الأخلاقية المبنية على قيم وشيم أهل الإمارات المستمدة من وسطية واعتدال الدين الحنيف والعادات والتقاليد العربية الأصيلة القائمة على الانتماء والولاء والصدق وحب الخير والتسامح والتعايش وغيرها إلى مناهجنا الدراسية. منظومة القيم الأخلاقية كل لا يتجزأ ومسؤولية غرسها وتعزيزها لدى النشء مسؤولية الجميع وليس الأسرة والمدرسة فقط. من هنا أستغرب صمت هيئة تنظيم الاتصالات ومعها مزودو خدمات «الاتصالات» عما يجري في الفضاء الالكتروني الواسع وقيام بعض المنصات الشهيرة مثل «يوتيوب» بزج إعلانات تتنافى مع قيمنا في برامج موجهة للأطفال تصل حد الترويج للإباحية. بينما نلمس حماس هذه الجهات لحجب مواقع الاتصالات الهاتفية المرئية والمسموعة المجانية عن المشتركين لحماية مداخيلها. هذه الإعلانات الممنهجة والجهات التي تقف خلفها تهدف لترويج بضاعتها النتنة، وتعويد أطفالنا على مسميات مرفوضة عندنا دينيا واخلاقيا لتصبح اعتيادية عندهم. أساليب ممنهجة تتبنى سياسة النفس الطويل والتدرج في المراحل، فما يُستنكر اليوم يصبح عاديا غدا، وهكذا. تقويض الأمم والمجتمعات المزدهرة المستقرة لا يكون فقط بالأعمال التخريبية والأفعال المزعزعة للأمن والاستقرار عن طريق الجماعات الإرهابية وحسب، وإنما هناك ما هو أخطر من ذلك باستهداف منظومة الأخلاق فيها والقيم التي قامت عليها والمتمسكة بها، والعمل بدأب باتجاه نسف التعليم والأخلاق مما يحقق انهيار بنيان الأمم والشعوب. غياب الأخلاق وكل ما يندرج تحتها مفتاح السقوط الذي يبدأ من تحسين كل فعل يرفضه المجتمع، لعل أوله الغش الذي يستسهله البعض رغم مآلاته الخطيرة المدمرة على يد طالب نجح بالغش وأصبح مدرسا او طبيبا أو مهندسا أو قاضيا وغيرها من المهن المفصلية لأي مجتمع. اليوم يروجون عبر منصات موجهة لصغارنا مسميات وقضايا نرفضها كمجتمع محافظ جملة وتفصيلا، فهل تتحرك الهيئة وغيرها من الجهات التي نعول كثيرا على دورها قبل فوات الأوان؟. قديما قالوا«معظم النار من مستصغر الشرر»، وقال أمير الشعراء أحمد شوقي «وإنما الأمم الأخلاق ما بقيت//فإن هُمُو ذهبت أخلاقهم ذهبوا». وقبل ذلك كله قال سيد الخلق نبينا محمد عليه افضل الصلاة والسلام «إنما بعثت لأتمم مكارم الأخلاق».