لو كانت عصابة «عيدة وسعيدة» على أيامنا، أيام الوطر الجميل، بتلقي مكدتهن ما تزيد عن عشر روبيات في الشهر، خاصة من أولئك الشرّيين الذين يلوحون بأشرطة الأغاني «الكوكتيل» السريعة من سياراتهم الـ «جي تي»، وإلا تلاقفته البنت، ولا تراه في رأس الأم، وإن وقعت عليه العين، صرّخ ذاك «الويل»، وهذاك دربه، وحدهم الذين على مهلهم قوم «صوُبّنَا» وقوم «التوح»، وهؤلاء مستعدين يسرحون دبي علشان يرضون الأم والبنت بكم تولة عود وزعفران، ومضرب دهن عود، ودخون معمول، وهو ناكف بتهِلّ على رأسه قصيدة، مثل: «علني هوب بلاه راعي الثوب الحمر»، وطاحت «الحِيّة»، لا محاكم، ولا دعاوى، هي كلمة «ورفجة عرب أحشام، عيونهم سود»، ولا كأن شيئاً صار واستوى، مرات أيام الوطر الجميل تلقاهم «عنثر الليل» اللي لايث على رمثة، واللي طايح في شَبْقَه، واللي حايم المقحمة، وبعضهم من الجور والمعاند، يركب له «كريده» يريد يهش جدار العرب، ورغم ذلك تحلّ كل الأمور بالتراضي والتغاضي، لا التقاضي!
عصابة «عيدة وسعيدة» لم تكتف بالمتاجرة باللحم المحلي، تطورت اهتماماتها، واتجهت للسوق الخارجي، واستوردت الهرفي والنعيمي وطمطمة مكران، واللحم الأبيض المتوسط، وبدأت تسرحها، وهي وحظها ذاك اليوم، قضية، قضيتين، إلا عنف لفظي، أو محاولة تحرش عن بُعد، أو تصادم بين عربته وعربتها في «كافور»، بغرض النية الخبيثة، الآن صار الجميع يدور التقاء من أجل البقاء، إن مرت واحدة أمامك، وما رفعت عينيك صوبها، اشتكت وقالت: «شو نحن ما مازرين عينك»، وربما صعدت الأمور إلى التجاهل والتعالي والتعامل الفوقي الطبقي، وإن برّقت في وجهها، وابتسمت بحسن النية، وما زغزغ القلب، أصبحت شكّاية عليك في المحكمة، عصابة «عيدة وسعيدة» الآن انتشرت وأصبحت لها أذرع استراتيجية، تعرف القوانين، وتعرف ثغراتها، وربما كان لديها مستشارون قانونيون، لأنه لا يعقل كل تلك القضايا التي تكسبها تلك العصابة وأتباعها، بطرق ملتوية، ومستفزة، حتى أخشى أن تأتي أيام علينا، وتصبح مثل تلك القضايا لدفع فواتير اتصالات المتعثرة أو متأخرات إيجار أو ملحمة على وشك الإفلاس، وصاحبها يوز عليك إحدى معارفه، مستودع في مصفح يريد المالك أن يخرج المستأجر منه لمخالفات متعددة، فيستأجر المستأجر إحدى فتيات عصابة «عيدة وسعيدة» وتنهي القضية التي صار لها في قسم المنازعات الإيجارية أشهر، أتمنى أن تنهي عصابة «عيدة وسعيدة» نفسها بنفسها، لأن الوعي والإدراك والمعرفة العميقة لأمورنا كفيلة بتصحيح الأمور، وجعلها البعض من الناس يجلسون على «بيصهم»!