في كل مدارس تعليم قيادة السيارات، وحتى في مراكز شرطة المرور، تتصدر العبارة الشهيرة «القيادة فن وذوق وأخلاق»، ولكن للأسف شريحة واسعة ممن يجلسون خلف مقاود السيارات التي تدب على طرقنا وشوارعنا يفتقرون إلى كل ما له صلة بالفن والذوق والأخلاق، ولن تردعهم الرادارات ولا الغرامات والمخالفات طالما يفتقرون لهذه الخصال والقواعد البدهية في استحضار مسؤولية قيادة أداة يمكن أن تشكل خطراً على حياتهم وغيرهم من مستخدمي الطريق.
مساء أمس الأول وعند منطقة مخططة لعبور المشاة على شارع الموكب، وهو طريق فرعي يقع بين شارعي الشيخ زايد وفاطمة بنت مبارك في العاصمة أبوظبي، توقفت سيارتان لإتاحة الفرصة لعبور أحد المارة، بينما لم يعجب الأمر سائق سيارة مسرعة أبت أن تتوقف بل وضغط بكل قوة على بوق سيارته محتجاً على ذلك السلوك الحضاري والتصرف السليم، ولولا لطف الله لصدم إحدى السيارتين وعابر الطريق.
مثل هذه المواقف تتكرر كثيراً في مناطق عبور المشاة التي لا تتوافر فيها إشارة ضوئية تنظم الحركة، وتعتمد على ذوق السائق في تلك اللحظة والذي يجد نفسه مخاطراً، وفي حالة من القلق بسبب وجود تلك الفئة الطائشة والمستهترة التي لا تراعي أموراً بدهية تتعلق بالوقوف المفاجئ ومسائل مفاجآت الطريق، والتي تكون عواقبها وخيمة ومؤلمة تزهق معها أرواحاً بريئة في أغلب الأحيان، وتقود كذلك لإصابات بالغة تقعد صغاراً وشباباً على الكراسي المتحركة لتتغير حياتهم رأساً على عقب ويظلون أسراها كل العمر، بسبب لا ذنب أو يد لهم فيه غير وجودهم في المكان مع قيادة ذلك الأرعن سيارته في تلك اللحظة.
كنت في زيارة لمدينة قديمة في إحدى بلدان الاتحاد السوفييتي سابقاً، وكان أكثر ما لفت نظري توقف السيارات بمجرد أن يلحظ سائقوها مارة على الرصيف يريدون عبور الطريق، وعندما تقصيت الأمر علمت بوجود عقوبات مشددة للغاية وغرامات باهظة وراء الظاهرة.
 السائقون الطائشون ممن لا يقدرون حياة وسلامة الآخرين بحاجة لتشديد العقوبات عليهم وفرض الغرامات الباهظة ومضاعفة النقاط السوداء وسحب الرخص لردعهم؛ لأنهم يمثلون خطراً على المجتمع ومن فيه، لا يقل عن خطر غيرهم ممن يحملون معاول الهدم، ويستهدفون أغلى ما يملكه أي مجتمع، الإنسان. 
نتمنى أن نسمع قريباً مبادرات لتعزيز الأمن والسلامة على طرقنا الداخلية ومناطق عبور المشاة تحديداً، والتوسع في تركيب الإشارات الضوئية وأنفاق وجسور المارة، وسلامتكم.