أبوظبي العاصمة المعتصمة بأهداب الجمال، الموشاة بشال، وخلخال، تتابع وثباتها نحو وجه يكسوه جمال الطلعة، وبهاء الشمعة، وتمضي ركابها نحو روعة المأوى، ورونق المثوى، وبراعة الموئل، وهي في مضمار العطاء تبدو الجلال، والتجلي، تبدو في قلب العالم قصيدة، وفريدة تبدو في القافية الألف والياء، وما بينهما جداول حروف الانتماء وأزاهير الوفاء، وجاءت الصنعة من لدن حكيم، أخبرته الصحراء عن نبع في الأحشاء، وعن بديع الزمان في الأرجاء، فسار الفطين، كلمعة اللجين يسفر، ويسافر في النجود، والوجود ويرسم صورة الوطن على رمل اللظى، فتبرز أبوظبي في المشاعر رواية تتحدث عن ذاك الشهم الذي خطط، وربط بين خرزات المسبحة حتى بانت العاصمة الشاهد للسبع نجمات، صارت أبوظبي أنملة الخطوات على لوحة تشكيلية، يراعها من حبر القلوب التي أحبت الجمال، فنسقت وروده، ورتبت باقاته، ونظمت ألوانه، وهذبت أشجانه، وشذبت أغصانه حتى تبدت أبوظبي اليوم، البقعة السانحة للعيش الكريم، والزاوية واسعة الظلال في مهج العالم، والدائرة بوتر كأنه قوس قزح، وقطر يشابه وريد الأجساد النابضة بالحيوية وعندما ترسم «إيكونومست إنتلجيتس» صورة أبوظبي كعاصمة للجمال، إنما هي شهادة وقعت موقع القمر في قلب السماء، وهي تغريدة الطير في وضح النهار، منادياً الخل الوفي، شادياً لأجل حياة تصبو لها نفس، وتقر لها عين.
هذه الشهادة لبلد ما شاء إلا أن يكون الدر كامناً في أحشاء بحر العالم، وأن يكون الزمرد على نحر، وعنق، وأن يكون اللؤلؤ والمرجان فيافي الحور الحسان، وأن يكون أسورة في معصم من راقت مفاصلها وهفت، وهفهفت، ورقت وارتقت، واشتاقت لنسمة الصبح كي تغدقها بلفحة، ولفلفة، وأن تمنحها في الحياة شهقة الفرح ساعة تلاقي النهرين عند شغاف المراحل المبهجة.

الله.. هذه عاصمتنا، يحتفي بها العالم، ويرفع النشيد عالياً، ويدوزن أوتار الثناء، ويطري ببذخ لبلدة أعطت، وسخيت، وأترفت، وبذلت في عطائها، حتى أناخت نوق العالم خاشعة، لهذا البديهي، البهي، وهذا الشارع الوجداني الممتد من الشريان حتى الوريد، مضمخاً بدماء الود، وميلاد الجديد، هذا المكان الشاسع عشقاً، والذي يسمى أبوظبي، وهي من بين الظبا، دماني ينسج خيوط ردائه من حرير الحياة، ومخمل الحب.