واقعة هي ورطة بمعنى أدق يعاني منها كثيرون، جرى بثها في إحدى حلقات البرنامج الجماهيري استديو1 من إذاعة أبوظبي، وزاد من التفاعل معها مقطع توعوي مصور بثه الزميل سالم الكعبي مقدم البرنامج مع زميله أحمد المجيني وجرى تداوله على نطاق واسع عبر مجموعات «الواتساب».
الواقعة باختصار تتعلق بشابة مواطنة نجحت إحدى شركات التأمين في استدراجها مع عدد من زميلاتها للاستثمار في برنامج قالوا إنه ادخاري عن طريق وسيط مالي، وبعد ثلاث سنوات من الاستثمار وسداد الأقساط الشهرية المتفق عليها، اكتشفت أنها لا تستطيع سحب أموالها إلا بعد مرور 25 عاماً واستعادة ما نسبته 10 في المائة فقط من المبلغ الذي دفعته!!، ما اضطرها للجوء لبث شكواها عبر البرنامج وطلب تدخل جهات الاختصاص لمساعدتها بعد أن وجدت نفسها في طريق مسدود مع الشركة.
تطرقت في مناسبات عدة عبر هذه الزاوية لهذه الورطات التي تتكرر، لأسباب عدة، وهي معروفة لدينا جميعاً لعل في مقدمتها عدم قراءة تفاصيل الأوراق التي تقدم للمتعاملين، ووجود بنود تتعمد تلك الشركات كتابتها بحروف صغيرة وعبارات ملتوية تتحمل تفسيرات يتخندق خلفها ومن ورائها جيش من المحامين المتمرسين، وكل الأوراق تكون باللغة الإنجليزية مع علم هذه الشركات بأن اللغة العربية هي المعتمدة أمام محاكم الإمارات، ليجد المتضرر نفسه وحيداً ومطالباً بدفع الثمن باهظاً، بسبب تلك البنود المخفية بخدع جيدة السبك والصياغة والابتسامات الصفراء لسماسرة ووسطاء غير أمناء، ومستعدين لتجاوز كل ما هو أخلاقي من أجل رفع سقف العمولات التي يتقاضونها، وبعضهم وللأسف يختبئون وراء صفة «التعامل الإسلامي».
 المصرف المركزي وهيئة التأمين مطالبان بتحرك فعّال وحازم لتنقية الساحة المالية والاستثمارية من هذه الممارسات والشركات وبالذات الوهمية التي لا تستند لأي معايير أو أسس صحيحة في التعاملات، وأبسطها غياب الشفافية.
المصرف المركزي مدعو لإلزام تلك الشركات بوضع عقود واضحة ببنود صريحة تحدد طبيعة المحفظة المالية الاستثمارية ومدتها وقيمة الأقساط ونسبة العائدات. 
كما إنه مطالب بدراسة الكيفية التي يجري بها تكرار «الورطات» بصيغ مختلفة ولكن الحالة واحدة، خسارة أموال مواطنين ومستثمرين. ومطلوب أن يكون الوضع القانوني لهذه الشركات واضحاً للجميع بحيث تخلق حالة من الطمأنينة لدى المتعاملين. وبدون تدخل حازم وملموس من الجهتين سنجد المزيد من الحالات و«الورطات» مع تكثيف حملات التوعية لكشف الشركات الوهمية وأساليبها الترويجية المراوغة.