مبادرة «المغاوير» التي أطلقتها مؤسسة المباركة مبادرة طموحة وخلاقة، فهي تصب في استراتيجيات المستقبل، وتعكس الجهود التي تبذلها مؤسسات النفع العام، فتسهم إيجاباً في تنشئة جيلٍ مرتبط بعاداته وثقافته ومكتسبات دولته. لقد لمست جمال شباب المستقبل عندما جمعتني الفرصة بهم في قلب الوطن «قصر الحصن» بيت الاتحاد الأول، ذلك البيت الذي عزز التسامح والتواصل الاجتماعي بأبناء المجتمع الممتد، ومشى في أروقته القادة العظام، ولا سيما باني الدولة ومؤسسها الشيخ زايد- طيب الله ثراه. وكعادتي ذهبت إلى لسان العرب للبحث عن كلمة مغاوير التي يقصد بها «مخاوين شما» التي «هابين ريح» يقول ابن منظور: إن «الرجل المغوار هو ذلك المقاتل كثير الغارات على أعدائه، وإن كان النعت لفرسٍ فهو الفرس شديد العدو سريع الوثب». بدأ الحديث بهامشٍ من الصمت صنعته تربيتهم المصرة على الاحترام والحياء والتقدير لمن يكبرهم سناً وبعد لحظاتٍ من حب الوطن قال أحدهم: «أود أن أتحدث عن وطني بكل ثقة وأن أعرف عنه كل شيء، وأمنيتي أن تكون لدي شركة في أمن المعلومات بشرط واحد فقط!» فسألته بفضول: «وما عسى أن يكون ذلك الشرط؟» قال: «أن تكون شركتي هي الأولى عالمياً». فقلت لهم: «الآن اطمأن قلبي..الرسالة وصلت!»
 وبعد جولتنا في ربوع قصر الحصن جلسنا في تباعدٍ عكس التزامنا بالمسؤولية ونظرت حولي فوجدت شباباً تشع أعينهم بحب الوطن وتتوهج قلوبهم بنار خدمته وليس في الأفق ما يثنيهم عن هبة الروح وعنفوان الشباب ورحيق الحياة. قلت لهم: «أنتم نصف الحاضر وكل المستقبل. بلادنا من أجمل بلاد الله فيها التسامح والرحمة والإنسانية وأنصحكم بثلاثة: التواضع، حب الآخرين، ومنظومة عيال زايد-طيب الله ثراه».
للعارفين أقول، إن أغوار النفس هي أعماقها والغور في كل شيء هو عمقه وقعره وهي أماكن بعيدة عن الضحالة والتهميش، لذا فإني لم أجد في «صفوة» الشباب هذه من جاء بالغَوْر والمَوْر أي بالماء والتراب كما تقول العرب، ولكني وجدت فيهم من هو بعيد الغور أي متعمّق النظر ومن عَرَفَ غَوْر المسألة وحقيقتها ومن يسبر الغَوْر فيقيس بعين اليقين وحبل المعرفة عمق الأشياء وإن كانت في قاعٍ لا تناله الِدّلاء. بارك الله جهود مؤسسة المباركة، فالمغاوير في عمق ثقافتنا ويعملون بسلوكاتٍ لا تحيد عن قيم الوطن ومنظومته المستقبلية التي بها يستدام الموروث وتحلو الحياة.