ألم يجد حكيمي أفضل من «النيراتزوري»، ليكون جسر العبور إلى المجد، وهو الذي كانت على طاولته عروض من إمبراطوريات كروية نافذة ومؤثرة في المشهد الكروي الأوروبي؟
سؤال بصيغة الاستنكار والتأفف انتشر على نطاق واسع، وأشرف حكيمي يفاجئ الجميع الصيف الماضي بالانضمام إلى نادي الإنتر  الإيطالي، وهو الذي كان مخيراً بين العودة إلى «وكره» الملكي بنهاية سنتي الإعارة إلى بروسيا دورتموند، وبين اللعب في «البريميرليج»، أو البقاء في «البوندسليجا».
والحقيقة أن قلة بيننا من تفاءل بهذه الانعطافة التي اختارها حكيمي لمساره الرياضي، أن يدخل الغابة الإيطالية، حيث تصل الصرامة التكتيكية لدرجة عالية من التوحش، وحيث لا مفر من الإذعان لضوابط وأحكام المقاصل الدفاعية، فلا أحد يمكن أن ينكر على الدوري الإيطالي تغوله التكتيكي وجنونه الدفاعي، لولا أن ما سندركه بعد أيام، متفائلون بانضمام حكيمي للإنتر أو مستنكرون دخوله لقلعة «النيراتزوري»، هو أن أشرف حكيمي ما أقدم على هذا الأمر، إلا بعد أن تفحص واستقرأ وجس النبض، هو من كان قاطعاً في شأن عودته لريال مدريد، فلا مجال لأن يعود أشرف ليلعب دور «الدوبلير» للإسباني داني كارباخال.
ما حدث أن الشاب حكيمي، وهو يصل لنهاية عقد الإعارة مع «أسود الفيستفال»، ويقرر جازماً تأجيل العودة إلى سانتياجو برنابيو، حصل فعلاً على عروض عينية من وسطاء ومن وكلاء، إلا أن من سافر إليه وجالسه لساعات وأقنعه بمشروعه الرياضي هو أنطونيو كونتي، الذي صمم بنهاية الموسم الرياضي على أن ينزل استراتيجية فنية وتكتيكية تنقل الإنتر لمصاف الأندية المنافسة على اللقب ويكون حكيمي واحداً من مفاتيحها.
بالقطع ما استهوى كونتي في نجمنا العربي أشرف، وقد أمعن في ملاحقته بعين ناقدة، هو سخاؤه الهجومي، هو أريحيته الكبيرة في تغذية النهج التكتيكي، وهو ذكاؤه المشع من كل حركاته الفنية، صحيح أن الاشتغال سيكون كبيراً على تقويم وتحيين المرجعية الدفاعية، إلا أن المجسم التكتيكي لكونتي كان يريد من حكيمي أن يشرق كالشمس الجميلة من الطرف الأيمن، أن يرسل في كل مرة غيمات تنبئ بقدوم المطر.
في النهاية لا حكيمي أخطأ باختياره للإنتر ولا كونتي أخطأ في جعل الأسد المغربي مرتكزاً لمنظومته التكتيكية التي سترفع «النيراتزوري» للعالي، بل وستمنحه شرف إنهاء احتكار «السيدة العجوز» لـ «الكالشيو» الإيطالي الذي امتد لتسع سنوات، بأن توجته بطلاً قبل أربع جولات من نهاية السباق الذي أشعلته أندية اليوفي وميلان وأتلانتا.. تتويج لا يمكن ألا نعتر فيه لحكيمي على بصمات قوية ومؤثرة، أن لم يكن بأهدافه السبعة، وإن لم يكن بتمريراته الست الحاسمة التي أتمرت أهدافاً، ولكن على الخصوص بضلوعه في كل مد وجزر لهذا الإنتر الجميل الذي استعاد أخيراً وجهه الصبوح.