ترحيب واسع كانت له أصداؤه الطيبة بقرار محكمة جنح أبوظبي مؤخراً، إدانة أحد مشاهير مواقع التواصل الاجتماعي بتهمة قيادة مركبته، على طريق عام بطيش وبسرعة كبيرة فوق الحد المسموح به قانوناً تجاوزت 205 كيلومترات في الساعة، مما مثل خطورة كبيرة عليه وعلى حياة مستخدمي الطريق. 
في ذات القضية أيضاً أدانت المحكمة شخصاً آخر بتهمة «الاشتراك في الجريمة بطريق الاتفاق والتحريض مع المتهم الأول، لقيامه بتصويره والطلب منه القيادة بسرعة عالية بقصد نشر التصوير وإحداث الإثارة على مواقع التواصل الاجتماعي لزيادة معدل المشاهدات».
تضمن قرار الإدانة «حبس المتهمين ثلاثة أشهر وتغريم كل منهما مبلغ 100 ألف درهم ومصادرة السيارة والهواتف المستخدمة في الجريمة، إضافة إلى وقف عمل رخصة قيادة المتهم الأول مدة ستة أشهر، وحرمان المتهمين من استخدام موقع التواصل الاجتماعي مدة ستة أشهر، ومحو المقطع المرئي وإغلاق الحسابين المستخدمين في الواقعة إغلاقاً كلياً مع إلزامهما بالرسوم القضائية».
بالتوقف أمام القضية التي تتكرر بصور ووقائع مختلفة يتجلى الواقع الذي فرضه الإعلام الجديد على الكثير من الذين يقدمون لنا أنفسهم على أنهم «مؤثرون»، وكيف يقودهم البحث عن زيادة المتابعين للقيام بتصرفات وممارسات غير قانونية وكذلك التورط في أنشطة مجرمة كقضايا غسيل الأموال من أجل البقاء تحت الأضواء مهما كان الثمن.
أثر هؤلاء خطير، خاصة وأن الشريحة الكبيرة من متابعيهم من المراهقين والشباب، كما أكدت عليه المحكمة في حيثيات الحكم. إذ يمكن أن تؤثر تصرفاتهم وما يعرضونه من ممارسات وأنماط حياة «على المراهقين ويشجعهم على ارتكاب مثل تلك الأفعال، إضافة إلى ما يمثله من تعريض حياة الغير للخطر».
ومن هنا جاءت أيضاً مناشدات النيابة العامة في أبوظبي لمشاهير التواصل الاجتماعي «للتحلي بروح المسؤولية تجاه المواد الإعلامية التي يقدمونها لجمهورهم، وخاصةً أن أكثر متابعيهم من فئة المراهقين والشباب الذين يعتبرونهم قدوة لهم في تصرفاتهم، مشيرةً إلى أن قيام المشاهير بهذه السلوكيات، من شأنه تحريض الغير على ارتكابها وتعريضهم للمساءلة القانونية».
مثل هذه الوقائع يجب أن تكون فرصة للجهات الرسمية وحتى الخاصة التي كانت وما زالت تستعين بأمثال هؤلاء لمراجعة خطواتها، لأن الاستعانة بمن يعتقد أنه «مؤثر» ويقدم محتوى سطحياً، ويقوم بممارسات غير قانونية، فيها تبديد للأموال العامة، وخيانة للقيم الأخلاقية التي تحث على الاستعانة بالقدوات الطيبة والحسنة، وتحصين المجتمع من القشريات الضارة.