النتيجة كانت مبهرة، لأنها تجاوزت المدة المقررة بمستوى يثير إعجاب كل من تابع، وكل من قرأ، وكل من سمع، وهذا دليل على أن هذه الأرض شجرة معطاء، لأن الأبناء لم ينسوا الإرث، ولم يتخلوا عن السمة التي يتميز بها هذا الشعب، ولم ينفضوا أيديهم عن عمل الخير، الأمر الذي يجعلنا نقول: إن لرمضان علينا حقاً، وهو أنه دائماً ما يطرق الأجراس في آذاننا ويقرأ أنبتوا، فهناك إخوة لكم في الشرق والغرب، يمدون أيدي الاستغاثة طالبين العون والمساعدة، وأنتم يا أبناء زايد الخير، أهل لها ولكم في الحياة أمثلة، ونماذج محفورة في ذاكرة التاريخ، ولن تمحوها رياح الزمن، ولن تجلبها عواقبه، ورمضان يطالبنا بأن تستمر أيادي الخير مدهونة بسمن العطاء، مملوءة بلقم الوفاء، يدعونا هذا الشهر بأن لا تتوقف ركاب الحدب والماء العذب، وأن لا تكون محطات استراحتها إلا لمضاعفة البذل، ولمزيد من سخاء السجايا، وثراء النوايا، رمضان يدعونا إلى اعتبار عطاؤنا من دون مناسبة، لأننا شعب تجاوز حدود الفصول، متوخياً من الأصول جداول تغرف من معين الأرض لتبلل شفاه من تشظفوا، وتعلل نفوس من تلظوا، وتملأ الدنيا نشيداً يلون حياة الناس جميعاً بالفرح، ويزخرف عيونهم ببريق السعادة، ويعبق قلوبهم بعطر البذخ، ويبخر أرواحهم بعود الرفاهية.
هذا رمضان الإمارات، دائماً ما يبوح بتجلياته، وآياته، وتراتيل النفس المطمئنة، هذا هو رمضان الإمارات، منديل كفكفة، وهديل رفرفة، أنه اليد التي تزيح عن الكواهل تعب الدروب المتشظية، وسغب الأيام البالية، وشعب رهيف الحس، منعم اللواعج، يرنو إلى الحياة، بعيون الشمس التي لا تبخل بنور على أرض، ولا تسدل ستارة الوضوح عن إنسان، هو هذا شعب الإمارات مقتدياً بقيادة تسابق الزمن في طريقها إلى ملامسة شغاف الحياة، بأنامل العطاء، بوافر حب، وأثير وجد، ومآثر آباء وأجداد، وأقلام التاريخ منهمكة في نقش الصفحات، بحروف من غدير الماء، وعذوبة البرد، ونجوم السماء ترصد خطوات، ووثبات، والسماء قبعة عملاقة تخيم على خيوط الحرير وهي تنسج قماشة إماراتية فريدة عتيدة، تليدة، مجيدة، يؤكد رونقها مدى ما لها من أثر في ضمير العالم، وهو يغرق النظر في مشيئة بشرية استطاعت أن تخلد في وجدان الناس، لحكمة في التواصل، وفطنة في الوصول، هذه هي الإمارات، وهذه هي شيمة أهلها والأمل عظيم في أن يستمر الجدول في إرواء الحقول.