كما هو حال كل جائحة تضرب مثل الإعصار على «عين غرة»، سربت صحيفة «نيويورك تايمز» عشية الأحد الماضي، خبراً سيحدث زلزالاً بقوة مدمرة على سلم الدهشة، الخبر يقول إن 12 نادياً من بين كبار إنجلترا، إسبانيا وإيطاليا ستعلن رسمياً عن ميلاد الدوري الأوروبي الممتاز، إيذاناً ببداية حرب كروية ضارية بين أغنياء أندية «القارة العجوز»، وبين المؤسسات الراعية لكرة القدم الأوروبية والعالمية، لما يحمله المولود الجديد من فكر انفصالي، ومن ضرب لقيم التشاركية في بناء حاضر ومستقبل كرة القدم بأوروبا.
وغداة الإعلان الرسمي عن ميلاد هذه المؤسسة الكروية الجديدة، وكحال كل الأفكار التي لها طبيعة ثورية تنتفض في وجه النمطية والاحتكار، فإن الدوري الأوروبي الممتاز سيستقبل في حيز زمني قليل الكثير من قاذفات الاستهجان والرفض والاستنكار، فإن رأى الاتحاد الأوروبي لكرة القدم في ذلك ضرباً لقيم التشارك والتكافل، وخروجاً سافراً عن صف المتضامنين، ومزيداً من تفقير الأندية الفقيرة، رأى غيره في هذه «الفكرة القذرة» خبثاً معلناً وتعالياً قبيحاً وانتصاراً للأنانية الضيقة.
والحقيقة أن المولود الذي خرج اليوم إلى الوجود، وكان لسنوات جنيناً في رحم التأمل والتفكير، قصد تخريب منجم الذهب لدى الاتحاد الأوروبي لكرة القدم، فلو أن الدوري الأوربي الممتاز خرج سالماً من خيمة الميلاد، فإنه سيصيب دوري أبطال أوروبا بالموت الزؤام، وسيحكم على المليارين من الدولارات التي تجنى سنوياً أن تتبخر في الهواء، لذلك كان متوقعاً أن ينتفض «اليويفا» ومعه الجهاز الأم «الفيفا» في وجه من يوصفون اليوم بالعاقين والأنانيين وبالخارجين عن نهج الجماعة، ويعلن جهاراً بأنه سينزل عقوبات صارمة على كل من انخرط في الدوري المزعوم، تذهب لحد حرمان لاعبي «الأندية الضالة» من المشاركة في بطولات كأس العالم وبطولة أوروبا للأمم.
ليس هذا فقط، بل إن الهزة العنيفة هاته ستجعل الاتحاد الأوربي يسارع إلى الكشف عن النظام الجديد لدوري أبطال أوروبا الذي سيبدأ العمل به اعتباراً من عام 2024، صيغة منقحة لدوري رأى أغنياء القارة أنه جاوز المدى في استغلال الوجه الألمعي للأندية الكبيرة، وفي الحجر على عائدات مالية ضخمة، بدليل أن ما ستجنيه الأندية المشاركة في الدوري الأوربي الممتاز يزيد بثلاثة أضعاف عما تناله عند التتويج بلقب دوري أبطال أوروبا، وأن بطلها سيتقاضى 400 مليون يورو، بينما لا تزيد مكافأة بطل دوري الأبطال على 120 مليون يورو.
وبرغم موجة الانسحابات التي فرضها الشارع الرياضي، بخاصة على الأندية الإنجليزية، فإن معركة قانونية ستدور رحاها بين أندية ترى أنها محمية بقانون حرية المنافسة والمبادرة لصيانة مصالحها، وبين اتحاد أوروبي لكرة القدم يتشبث بمبدأ الوصاية ويحرص على حماية القطيع من جشع الذئاب.